سجل الزعيم الكوبي فيدال كاسترو اسمه بحروف من ذهب وكيف لا وهو البرجوازي الذي ترك حياة الترف والرخاء واختار حمل السلاح والصعود الى جبال سييرا كاسترا من اجل انجاز فكرة آمن بها وهي ثورة تخليص الشعب الكوبي من استغلال الإقطاعيين الذين أعطاهم باتيستا امتياز امتلاك 70 من المائة من اراضي الجزيرة وأعطاهم حق استغلال الفلاحين والمزارعين الكوبيين في جني محاصيل حقول قصب السكر كعبيد، ويا ليت الأمر اقتصر على مشاهد البؤس تلك بل أصبحت كوبا عبارة عن تجمع للملاهي الليلية التي عششت فيها مافيا القمار والدعارة، هذا المشهد المسيطر قبل قيام الثورة الكوبية سنة 1959 بقيادة الزعيم فيدال كاسترو التي أطاحت بالديكتاتور اولفغنسيو باتيستا وأنهت أكثر من عقدين من حكم هذا الديكتاتور الذي كان يعتبر أكبر رموز فساد الأنظمة العسكرية التي أوصلتها الانقلابات إلى الحكم في أمريكا اللاتينية.
على كل المواقف البطولية للكومندانتي كثيرة ولعل من أهمها مواقفه التاريخية من القضية الفلسطينية ومقاطعة الكيان الصهيوني وكشف ممارساته الاستيطانية الاستعمارية وسيشهد التاريخ لهذا الزعيم انه حمل هم هذه القضية حتى آخر أيامه حيث وقّع قبل سنتين على رحيله بيانا دوليا للدفاع عن فلسطين، يطالب الاحتلال الصهيوني باحترام القرارات الأممية والانسحاب من الأراضي الفلسطينينة التي احتلها سنة 1967 ومنها القدس الشرقية.
إن الذي يستحق الإشادة إليه في مسار هذا الرجل هي الرسالة التي تركها بعد وفاته والتي أوصى فيها بعدم إقامة التماثيل والنصب لشخصه ولا تسمية أية معالم في كوبا باسمه وكأنه يريد أن يؤكّد أن الثورة الكوبية لم تكن ثورته لوحده لكن ثورة شعب وانجازاتها هي ملك للشعب الكوبي وهذه سابقة لم نلمسها في زعماء وقادة هذا العالم الآخرين، تعبر عن فلسفة حياة تقوم على نكران الذات والميل إلى البساطة التي ظهرت في نمط معيشته الخالي تماما من مظاهر البذخ والترف التي تكون في الغالب على حساب إفقار الشعوب وتجويعها كما يحدث في الكثير من البلدان.
إن رسالة كاسترو هي خارطة طريق لكل المسؤولين في التعامل مع مكتسبات وانجازات الشعوب التي يجب أن تتحرّر من ثقافة صناعة الأشخاص والفراعين والاستثمار في ثقافة حب الوطن الذي لا يزول بذهاب الأشخاص.
كاسترو... رسالة الاستثمار في حب الوطن
أمين بلعمري
06
ديسمبر
2016
شوهد:390 مرة