اختارا الفن والموسيقى معا، أحبهما الجمهور فكان أن سطع نجميهما إلى أعلى المراتب وصنعا لهما مجدا وحضورا من ذهب، اختار المايسترو تيسير عقلة الموسيقى الملتزمة النابعة من الاستقلال والحرية والتحرر، فلحن كل الترانيم الجميلة وأعطى روحا متجددة للأصوات الشابة التي ظهرت في تلك الفترة فغنت جميعها للوطن والبلد والحب وللتاريخ العريق النابع من أمجادنا وعظمائنا، تيسير الذي وضع أولى لبنات الموسيقى الجزائرية وحملها عن ظهر قلب نحو الخلود.
رسم تيسير عقلة ملامح الفن الجميل ومنح حياته للأغنية الجزائرية فكان لها خير معلم وأحسن أستاذ ومربي تخرجت على يديه أجيال من الأسماء التي رافقت المشهد الموسيقي وغنت للجمال والبهاء.
غير بعيد عنه نشأ ذلك المولع بآلة الموندول والشدة العاصمية المبهرة، الشيخ الزاهي أو عميمر كما يحلو لأبناء الرونفالي مناداته، خرج من رحم الشيخ العنقى معتبرا إياه الأب الروحي، في بداياته، وقد تجلت تلك العبقرية في مساره الذي بدأه بريحه لريام إلى الصلاة والسلام عليك بالحبيب، بعد خمسة عقود صدح فيها وشغل الدنيا بفنه أحاط به جمهورا خرافيا تعدت سمعته حدود الوطن وإلى الضفة الأخرى حيث غنى لكبار شعراء الملحون، قبل أن يهوم في الأندلسي الذي استهواه في بداياته لينظم إلى الأغنية الشعبية من بابها الواسع مستمدا كلماته من قصائد بن تركي والمغراوي وبن سهلة وبن مسايب وتعامل مع الباجي في العديد من المحطات الفنية، كما هو الشأن في تعامله مع محبوباتي، التي اعتبرت نقطة انطلاق حقيقي للفقيد نحو الجمهور الواسع، ليلقب بسلطان الهوى.
ثنائي من ذهب سطع نجميها، وأفلا، في وقت لا ينتهي ذكرهما بالتقادم، سيظل التاريخ يذكرهما ويشهد لهما بالعطاء الفني والموسيقي، وستبقى الأغاني الجميلة عنوانا لروحهما كما هو الخلود الأبدي في ذاكرة الشعوب والأوطان.
من عصر المايسترو تيسير عقلة إلى عهد الزاهي... لم تنته الأحلام لتظل مانحة ترانيمها مغردة كما تغرد الأرواح في علياءها إلى الأزل.
من عقلة إلى الزاهي
نور الدين لعراجي
04
ديسمبر
2016
شوهد:386 مرة