بعيدا عن التهويل

جمال أوكيلي
03 ديسمبر 2016

تتفاوت درجة تأثيرالخطاب الاقتصادي الصادر عن الأوساط المطلعة من الخبراء والمحللين وغيرهم تجاه  الرأي العام، تارة يكون قائما على شرح موضوعي،
يستند الى عنصر الاقناع وتارة أخرى مبني عل رؤية تقترب من التخويف.
منذ انهيار أسعار البترول لم تتوقف الاراء حيال ما وقع وهذا بشكل يومي نتج عن ذلك تبلور وبروز اتجاهين على الساحة.
الأول حرص على تقديم المزيد من التفاصيل الدقيقة عن سقوط ثمن البرميل الواحد وكل التداعيات على أكثر من مستوى وتبعات ذلك على الصعيد الداخلي للبلدان المعتمدة بشكل مفرط على هذه المادة.
الثاني اعتمد على مقاربة الحذر الممزوجة بالانشغال العميق، غيرأن أصحاب هذا الخيار ذهبوا الى حد الافصاح على توقعات مطلقة كان بالامكان تفاديها نظرا لحساسية الظرف الراهن، وعدم السقوط في مطب الانسداد أي عدم وجود حلول أخرى.
التشخيص للوضعية المتولدة عن انخفاض أسعار النفط هي التي حازت على القدر الأكبر من الأقوال  الواردة من هنا وهناك وسيطرت على اهتمام المتتبعين بشكل لا يوصف وأدخلت الكثير في حالات من الطرح المتواصل للأسئلة، انطلاقا مما سمعوه عن الجهات التي تستدعي في كل مرة الى البلاتوهات لإبداء رأيها في هذا الموضوع.
 هكذا ابتعدنا عن الحلول بقدر ما وقعنا في الخلفيات الكامنة وراء هذا الانهيار وما تزال كل التصريحات والانطباعات تنحوهذا المنحى للأسف خاصة ما تعلق بالآثار المترتبة عن هذه الصدمة في جوانبها المالية. لابد من التأكيد هنا أن مداخيل الجزائر من البترول ذهبت كلها الى التنمية الوطنية الشاملة واعادة اعمار البلد.
كيف كنا في الثمانينيات والتسعينيات؟ كان لابد من استدراك هذا التأخر في مجال التنمية وهذا بتثمين الاقتصاد والرفع من أداء المؤسسة والانطلاق في المشاريع الكبرى وانقاذ تلك المتأخرة وهكذا جاء : ميترو الجزائر، الترامواي، مطار الجزائر الدولي، الطريق السيار، السدود ، المستشفيات، الجامعات ، المدارس، الثانويات، السكنات المرافق الجوارية، الخدماتية والترفيهية والهياكل الثقافية والمؤسسات الاجتماعية.
واليوم لم تلغ المشاريع الاستراتيجية، بل ماتزال في طور الانجاز بالرغم من النقص في الموارد والخطاب الحالي يراهن على التنوع الاقتصادي الذي يفضل الانتقال الى مواقع أكثر مردودية كالفلاحة والصناعة وكل ما تفرع منها، وهذا ما أدى  بالسلطات العمومية الى اقامة شراكات قوية ومتعددة مع أطراف خارجية شعرت بهذا التحوّل والارادة في تجاوزهذا الوضع.
ومما زاد في الاعتقاد الراسخ، هواعتراف وفد صندوق النقد الدولي الذي زار الجزائر بهذه النقلة والرهان على نسبة النمو المحددة بـ ٩ ٫ ٣ ٪ بالاضافة للترتيب الذي تحصلت عليه الجزائر من قبل البنك العالمي وهذا بالاستفادة  من نقاط سمحت لها باعتلاء مناصب محترمة.
هذا  لم يأت من العدم بل هو بفضل انتهاج سياسة صارمة في العمل من أجل تقليص النفقات والابقاء على التوازنات المالية الكبرى وتحريك القطاعات الحيوية التي بامكانها أن تخلق الثروة وتكون مصدرا جديدا، وهكذا فإن هناك اجراءات لعقلنة تسيير صندوق التقاعد وكذلك دعوة الجماعات المحلية الى تمويل نفسها بنفسها عن طريق ما تملكه من أملاك بأسعار حقيقية.
لذلك، فإن الخطاب الاقتصادي يتطلب تفادي الاثارة خاصة الذي يصدر عن قادة الرأي الذين في كثير من الأحيان يميلون الى التهويل نظرا  لاقتراب بين ماهوسياسي واقتصادي وعدم وجود فواصل بينهما.. ناهيك عن تغييب البدائل الفعالة ذات الجدوى.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024