مرة أخرى تسقط الطّروحات المغربية الوهمية خلال القمّة الفرانكوفونية بالعاصمة الملغاشية أنتاننا ريفو سقوطا حرّا، كما كان الحال بالنسبة للاجتماع المشترك بين القادة الأفارقة والعالم العربي في ملابو مؤخّرا.
هذا الموقف الحازم حتّم على الملك محمد السادس مغادرة هذا البلد دون حضور اللّقاء، بالإضافة إلى عدم إلقاء الخطاب الذي كان مقرّرا أمام المشاركين حول هيستيريا عودة الرباط إلى الفضاء الإفريقي بكل الوسائل المتاحة، منها التحايل على قوانين الاتحاد الإفريقي في الشق المتعلق بكيفية الانضمام، وهذا برفضه اتباع الإجراءات المعمول بها في كل الحالات.
وقد أخطأ المغاربة هذه المرة في العنوان عندما سارعوا منذ قرابة أسبوع إلى مدغشقر في زيارة لهذا البلد لاستباق الأحداث، واحتلال المواقع الأولى في الحضور سياسيا وإعلاميا، لكن تجري الرّياح بما لا تشتهيه السّفن، وهذا عندما أخلط هؤلاء بين نواياهم المغرضة التي تستهدف الشّعب الصّحراوي، والمشاركة العادية كباقي البلدان الأخرى لا أكثر ولا أقل، لا يوجد هناك أي امتياز أو أولوية أو تفاضل للمغرب في هذه القمّة، من أجل تحرير رسائله الخطيرة، والسّعي لتسوية صورة شعب مقاوم ومناضل من أجل قضيته العادلة.
في مدغشقر لم يجد المغاربة ذلك «الدّعم» الذي حصلوا عليه في مالابو، هذه المفارقة تفاجأ لها هؤلاء ولم يصدّقوا ما يحدث لهم، عندما وجدوا أنفسهم يتخبّطون خبطة عشواء، لم يتلقّوا أي ضمانات للإعلان عن أي موقف معين مع هذا البلد تجاه الانضمام وإزاء القضية الصّحراوية. هذا ما جنّ جنون الوفد المغربي الذي قرّر فورا مغادرة القمّة بخفي حنين وخالي الوفاض، دون أي شيء مدوّن.
حتى وسائل الإعلام المغربية أصيبت بالإحباط السياسي، بعد كل ذلك التّهليل الكاذب والنّشوة العابرة التي ردّت عليها القمّة الأخيرة بمدغشقر، التي أعادت هؤلاء إلى موقعهم الحقيقي وحجمهم الطّبيعي.
ونعتبر أن نقل المغرب «المعركة» إلى الفضاء الإفريقي انحراف استراتيجي، لا يعي أصحابه تداعيات ذلك من ناحية ردود الفعل تجاه ما يقوم به من ضرب وتخريب للانسجام والتّماسك الإفريقي، الذي بلغ أوجّه منذ تاريخ تأسيسه، وهذا ما أدانه الكثير من القادة الأفارقة نظرا لتجاوزه كل الأعراف الدبلوماسية التي يلتزم بها العقلاء في القارة، لكن هذا البلد أدخلنا في متاهات خطيرة جدا وكأنّ الاتحاد في أزمة، وهذا غير صحيح بتاتا، ومرفوض جملة وتفصيلا، إنّها حالة خاصة ومعزولة لا علاقة لها بالاتحاد ومؤسّساته.
هذا التّشويش المغربي لا ينطلي على الاتحاد الإفريقي لأنّ مؤسّسات هذا الأخير ستكون لها الكلمة الفاصلة في انضمام هذا البلد إلى الاتحاد، وليس هناك طرف آخر يسمح له بالدخول دون المرور على تلك الإجراءات القانونية الثّابتة التي لا تخضع للتّلاعبات السياسوية.