الراحل فيدل كاسترو رجل ثوري بإمتياز.. إلى جانب رفقاء دربه منهم المناضل التاريخي شي غيفارا وغيرهم ممن حملوا السلاح لطرد الديكتاتوريات في قارة أمريكا اللاتينية في كوبا أو بوليفيا على إمتداد الأراضي التي كانت تحت سلطة أنظمة بعيدة كل البعد عن آمال تلك الشعوب التواقة إلى الحرية والإنعتاق.
وتشهد جبال «سيرا مايسترا» مقاومة هذا المكافح الفذ الذي كبد جيش باتيستا خسائر لا تعد ولا تحصى إلى غاية طرده من هافانا وإحلال محله نظام ثوري نابع من الشعب وهكذا بدأت مسيرة بلد فتي وناشئ قاوم كل الضغوط التي كانت تأتيه من الولايات المتحدة كالحصار الاقتصادي، توبع بمحاولة الإطاحة بحكم كاسترو، إلا أن ذلك التلاحم العضوي بين السلطة والشعب أسقط هذا العمل الإمبريالي.
وهذا الإمتداد الثوري عبر أمريكا اللاتينية أقلق الكثير الولايات المتحدة التي قررت دعم وجود مخابراتها في البلدان الأخرى لتنطلق منها وأصبحت هذه المنطقة وكرا لتلك الوكالة في ضرب استقرار البلدان وفبركة الإنقلابات والتخطيط للإغتيالات بشكل وحشي هذا ما كان المناضل الكبير الشيلي سالفادور أليندي الذي ذهب ضحية حقد الشركات المتعددة الجنسيات في هذا البلد.
ولم تخضع كوبا بقيادة كاسترو إلى كل هذه الممارسات اللاإنسانية التي حاولوا من خلالها إسقاط هذا النظام الثوري خوفا من تبنيه من قبل حركات تحرر وطنية كانت بصدد تخليص أوطانها من حكام نصبتهم الولايات المتحدة كحراس على مصالحها لا أقل ولا أكثر في حين كانت شعوبها غارقة في الظلم والاستبداد.
وهكذا كانت كوبا نموذحا حيا للنضال الثوري الذي أخذت به الشعوب الحرة في أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا، (الثورة الفيتنامية) كما أن هذا التيار التحرري إزداد قناعة وتجذرا لدى النخبة السياسية في أوروبا ناهيك عن الدعم المباشر للاتحاد السوفياتي آنذاك الذي كان إلى جانب الشعوب المكافحة.
وسار كاسترو على هذا المنوال طيلة حياته النضالية ولم يتغير قيد أنملة عن مبادئه التحررية بالرغم من إنهيار المعسكر الشرقي في منتصف التسعينات بل واصل الدفاع عن هذه القيم متضامنا مع كل الشعوب التواقة إلى إسترجاع سيادتها الوطنية السلبية منها كفاح الشعب الصحراوي.
وهكذا في خضم هذا الزخم الثوري في الستينات والسبعينات تلاقت الثورتان الجزائرية ـ الكوبية على أرض «مكة الثوار» وألقى كاسترو خطابا حاسما بساحة «قصر الحكومة» حاليا رفقة الرئيس الراحل هواري بومدين، ومنذ ذلك التاريخ والعلاقات الجزائرية الكوبية في تطور مستمر بإتجاه نموذج حقيقي مرجعيتها النضال المشترك ونحو مستقبل يخدم الشعبين.