تنمية الادّخار الوطني

«الشعب»
01 فيفري 2016

يمثل جذب الاقتصاد الموازي، خاصة المعاملات المالية إلى مساحة النشاط القانوني، أكبر تحدّ في هذه المرحلة. لذلك تم اللجوء إلى إقرار إجراءات أولية تهدف لاستقطاب أكبر حجم ممكن من الأموال من السوق الموازية لتودع في البنوك مقابل إعفاءات غير مسبوقة في رسالة ذات أبعاد استثمارية وتنموية تقود إلى هدف استراتيجي يتمثل في تجنيد كافة الإمكانات المحلية وحشد كل الموارد لتوفير السيولة التي تضمن حركية عجلة النمو.
ينصح الخبراء الدوليون بأن أفضل خيار لبناء جسور مع الاقتصاد الموازي، بكل أنشطته الإنتاجية والمالية والتجارية بدل مكافحته وشنّ حرب عليه بإجراءات بيروقراطية يترتب عنها حرمان النمو من مورد يمكن إدماجه في الاستثمار، أن يتمّ تحفيزه ومرافقته للانخراط في الديناميكية الشرعية للعمل والاستثمار الاقتصادي، بالنظر لما يتوفر عليه من كتلة نقدية هائلة (يقدرها الخبراء بما يعادل 40 مليار دولار) وتحكم العاملين فيه في دواليب الحركة الحرة ومعرفة قوية ودقيقة للأسواق الخارجية.
بالطبع ما عدا الأموال المحصلة خارج القواعد القانونية المنصوص عليها في التشريع الساري بخصوص توطين الأموال الموازية في البنوك، فإن كل الموارد مرحب بها لتساهم في تنمية الادخار الوطني وتعزيز القدرات من السيولة لمواجهة متطلبات الظرف، في ظل تقلص إيرادات المحروقات التي وإن تحسنت في المديين المتوسط والطويل، لا ينبغي أن تكسر مسار بناء اقتصاد إنتاجي ومتنوع، إنما توظف بالقدر اللازم من أجل التنمية الوطنية وحفظ احتياطي معتبر للأجيال وما تخفيه عولمة الاقتصاد.
غير أن الاكتفاء بهذا التحول تحت عنوان «شرعنة الاقتصاد الموازي»، لا يكفي لبناء منظومة حيوية تكون فيها المؤسسة القلب النابض للاستثمار وإنتاج الثروة إذا لم يعزز الخيار بإجراءات لإعادة هيكلة المنظومة المصرفية في العمق بتوفير أرضية تستوعب السوق الموازية للعملة الصعبة عن طريق إنشاء شبابيك لصرف العملات الأجنبية، بما يضفي شفافية على المعاملات بتوحيد قيمة الصرف أو تقليص الفارق بين الرسمي والموازي ويكسر شوكة الاحتكار والتلاعب بالسوق ويمنع مواصلة انهيار قيمة العملة الوطنية.
الصراع القائم اليوم في العالم يدور حول مدى القدرة على توظيف ما يوجد في بلد ما من قدرات، وفي الجزائر يتوفر حجم كبير للأنشطة الاقتصادية والموارد المالية خارج الإطار الشرعي ويمكن استقطابه عن طريق التحفيز والمرافقة، انطلاقا من تثبيت عنصر الثقة في المؤسسات والعدالة في تكافؤ الفرص وإثارة اهتمام من لديهم موارد من السيولة المالية لضخها في دواليب الاستثمار، خاصة وأن الأحكام الدستورية الجديدة تكرس مبادئ حرية المبادرة ضمن جملة من الضمانات، التي تنهي كل تخوف محتمل وتهيّئ المناخ للمتعامل الاحترافي ليشارك في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19725

العدد 19725

الأحد 16 مارس 2025
العدد 19724

العدد 19724

السبت 15 مارس 2025
العدد 19723

العدد 19723

الخميس 13 مارس 2025
العدد 19722

العدد 19722

الأربعاء 12 مارس 2025