عشية مباشرة المفاوضات الحاسمة بين وفدي المعارضة والنظام السوري، لإنهاء النزاع المسلح بعد حوالي ٤ سنوات من الاقتتال الدامي.. تسارعت المواقف حيال الإطار العام المحتوى هذا المسعى السياسي.. والراغبة في الحسم القطعي فيما يحدث في الميدان.
راعيا هذه المبادرة روسيا والولايات المتحدة قررا عدم اضاعة المزيد من الوقت، وهذا بالشروع فورا في هذه المشاورات الثنائية بإشراف وحضور دي ميستورا.. مهما كانت ردود الفعل الناجمة عن عدم دعوة فلان أو علان.
والتفاهم المبدئي الروسي ـ الأمريكي ـ لم يراع للأسف مطالب المعارضة التي لها رؤية خاصة بها فيما يتعلق بالمرحلة القادمة، في تفاصيل تداعيات السلطة زيادة على تحفظها تجاه إملاءات لافرورف في إدارة هذا اللقاء السوري ـ السوري.
ويشعر حجاب رياض رئيس الهيئة العليا للمفاوضات بأن الولايات المتاحدة تخلت عنهم من ناحية تعزيز قدرتهم على التفاوض، مطالبة إياهم بالانتقال إلى جنيف لمناقشة هذا الملف مهما كان الأمر ولا داعي لأي تبريرات أو حجج أخرى، وفي هذا السياق خاطبهم كيري قائلا «.. أنكم ستخسرون تحالفنا معكم» هذا ما هز أركان المعارضة، معتبرة هذاالتهديد بمثابة إخلال بالتزامات هذه الأخيرة حيال هذا الموعد التاريخي» وترك هؤلاء عرضة لكل المناورات الخفية لأطراف تقف خلف هذاالحدث.
ويتساءل المتتبعون للشأن السوري عن هذاالمنعرج غير المنتظر في هذا السلوك الأمريكي الغريب الأطوار تجاه اجتماع جنيق ٣.. نظرا للتراجع الذي أظهره كيري.. تاركا القرار لـ«لافروف» في توجيه مشهد المفاوضات نحو أهداف محددة، بدأت بإقصاء فصلين مسلحين ثم إدخال الأكراد إلى الوفود المشاركة، ناهيك عن شروط أخرى ستظهر لاحقا.
والبيان الصادر عن الهيئة العليا للمفاوضات المزمع ذهابها إلى جنيف لاحقا، طالبت بتوقيف العمليات العسكرية، وستفصل في هذا الأمر خلال الحوار المباشر. وفي هذا السياق يراهن كيري على معطيات ميدانية ركز عليها مؤخرا على هامش اجتماع منتدى دافوس وهذا عندما أشار إلى أن «داعش» خسر ٤٠٪ من الأراضي التي احتلها.. وأن ٢٠١٦ ستكون صعبة على هذا التنظيم.. كما وردت معلومات عن مقتل ٢٢ ألف عنصر من «داعش».
هذه العناصر التي يراها كيري بالإيجابية.. لا يريد إضاعتها، لذلك يعمل على تدعيمها بالتعاون مع روسيا التي تقصف يوميا مناطق عديدة في سوريا ترى بأنها أوكار للإرهابيين إلا أنها في نهاية المطالب تفسح المجال للقوات السورية لأخذ النقاط المستهدفة، وأمام هذا الواقع لم تجد ما تفعل الولايات المتحدة.
لذلك فإن حظوظ أو فرص نجاح هذه المفاوضات غير مضمونة بتاتا من باب أن جدول الأعمال يبقى مفتوحا، والنقاش يستمر لمدة تفوق الـ٦ أشهر.
هذه الفترة طويلة جدا، قد تؤدي إلى مواقف غير متوقعة نظرا لتصلب الرؤى والتشدد حيال المستجدات واحتمال أن تكون هناك انسحابات إن تمسك هؤلاء بمفاوضات فاقدة للسقف المحدد لها.. وبروز ضغوط أخرى، لا تساعد من هم في الميدان، خاصة إن استمر القصف الروسي بهذا الشكل العشوائي، الذي أضر كثيرا بالبنية التحتية للمدن السورية.
وهذا هو الإشكال الحالي.. بالرغم من أن الذاهبين إلى جنيف لم يضعوا شروطا مسبقة لحضورهم، وهذا لعدة إعتبارات، أهمها أنهم وجدوا أنفسهم بين فكي فخ كيري ولافروف ولا خيار لهم سوى إبداء استعداداهم لكل التوقعات وإظهار كفاءة عالية في التفاوض.. وهذا تحد لا بد من رفعه.. مهما كانت الظروف، لأنها تداعيات الحرب.