لاشك أن الغرب الصناعي والمصنع يدرك يقينا وبشكل ملموس مدى مساهمته بشكل كبير في ما يتعرض له العالم من تلوث مناخي رهيب وخطير، أساء لحياة الإنسان وللأرض التي بات خطر الغلاف الجوي يهدد فيها الضفة الجنوبية من القارة، جراء انبعاث الغازات السامة التي فاقت حدود المعقول، مع العلم أن الدول الغربية الصناعية لا تبالي بما تخلفه هذه الأضداد الكيميائية من أخطار واختلالات بيئية رهيبة.
عقدت الكثير من الندوات والملتقيات في أكثر من محطة ودولة، لم يلتزم فيها الصناعيون الكبار بتعهداتهم في التقليل من الانبعاثات الغازية المسببة للتغيرات المناخية التي تزداد من سوء إلى أسوء.
الجزائر كغيرها من ضفة المتوسط تعاني من هذه المخلفات، المتسببة في الكثير من التغيرات الطبيعية نتيجة تلوث الغلاف الجوي، والاحتباس الحراري مما خلق نوعا من الجفاف وعزوف تساقط الأمطار وارتفاع درجة الحرارة عن معدلاتها الفصلية، وتخلخل في المنظومة البيئية، ضحيتها الإنسان ومحيطه الاجتماعي. لماذا نتحمل عواقب عالم يقفز نحو التصنع، عالم لا يبالي ما تخلفه نفاياته على الأخر ؟ عالم لم يكن يعي أن البيئة مسؤولية جماعية يجب احترامها لأنها قواسم مشتركة بين الأطراف الفاعلة والمؤثرة، مثلها مثل دساتير حقوق الإنسان التي أوجدتها الأمم المتحدة، فهي ميثاق لا يمكن تجاهله من خلال ما سوف تقدمه، الأهداف المنتظرة في قمة باريس.
في قمة كوبنهاجن قدمت الجزائر مقاربة فاعلة حول التوازنات الايكولوجية ودعت الدول المصنعة إلى تبادل التكنولوجيات الحديثة مع الدول النامية لخلق مناخ يجعل من الطاقة البديلة أو الطاقة الشمسية هدفا لحماية المناخ المتوسطي.
صحيح هناك إرادة ايجابية في تبني خيارات قد تقلل من حجم هذه الانبعاثات الغازية، لكن هذه الإرادة يجب أن تجسد ميدانيا مع خلق الميكانيزمات الفاعلة في تبني سياسية مناخية، يكون الأمن المناخي فاعلا حقيقيا شأنه شأن الأمن القومي.
فلا يمكن لنا الحديث عن اقتصاد وتنمية مستدامة طالما أمننا المناخي مهدد بالتغيرات السلبية، التي قد تكون عواقبها وخيمة على سنوات قادمة تنذر بالكارثة، فأمام تحديات كثيرة وفواعل متعددة، يجب وضع إستراتيجية مبنية على احترام الأخر، لا يستقوى فيها العالم المصنع على العالم النامي، وتكون هناك منظومة أمنية مناخية، تفرض سلطتها القانونية دون تحيز لطرف، ويمتثل إليها الجميع.