الوقت بدل الضائع ...

أمين بلعمري
27 جويلية 2015

احتضنت العاصمة الاسبانية مدريد أمس قمة حول الإرهاب بمشاركة حوالي 15 دولة عضو في الأمم المتحدة الجديد فيها أنها ستناقش مسألة تدفق المقاتلين الأجانب على المناطق و البلدان التي تشهد حروبا و مواجهات للقتال إلى جانب احد الأطراف للحصول على مقابل مالي و لا شك ان  سوريا تشكل النموذج الحي لهذه الظاهرة حيث أصبحت الوجهة المفضلة  لأولئك المقاتلين الأجانب الذين توافدوا إليها من القارات الخمس للقتال في صفوف تنظيم “داعش” الذي يضم الآلاف منهم  اليوم ليكون بذلك  تنظيما إرهابيا متعدد الجنسيات بامتياز.
لم يعد من الخفي أن تدفق هذا العدد الهائل من الإرهابيين على سوريا هو  نتيجة للعديد من الأسباب - التي وفرت الظروف الملائمة  لانتعاش هذا المسار الطويل- الذي يبدأ بالتجنيد و ذلك إما عن طريق الانترنيت أو التجنيد المباشر الذي تقوم به شبكات متخصصة منتشرة عبر العالم تعمل لحساب التنظيمات الإرهابية و تنشط في الغالب بكل حرية في الكثير من البلدان و خاصة الأوربية منها – تحت مبرر الحريات الشخصية و العامة -    بينما  تقوم تلك الشبكات - المحكمة التنظيم- بإغراء  أولئك الإرهابيين المحتملين  بالانضمام إلى  صفوف الجماعات الدموية  مقابل الحصول على عائدات مالية معتبرة  يمنحها داعش و غيره من التنظيمات  لمقاتليهم ، حيث بينت تقارير أخيرة ان “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق و الشام”  يجني ما يناهز الـ 10 ملايين دولار شهريا من بيع و تهريب البترول في كل من العراق و سوريا و هي مداخيل سمحت له بدفع مبالغ خيالية للمقاتلين الأجانب المنخرطين في صفوفه  و أغرت الكثير من الشباب عبر العالم بخوض مغامرة الالتحاق بهذا التنظيم الإرهابي الذي ولد كبيرا و أصبح في وقت قياسي بعبعا يهدد دول و حكومات قائمة بمؤسساتها و جيوشها ؟ !.
 إن الحافز المالي و إن كان مهما فان هناك عامل آخر شجع على انتعاش هذه الظاهرة – التي أصبحت تشكل تهديدا للأمن و السلم الدوليين- و هي التسهيلات الكبيرة التي يجدها أولئك الأفراد على الحدود السورية التي أصبحت تشكل اكبر نقاط تقاطع مصالح المخابرات العالمية المتواجدة هناك بكثافة  خدمة للمصالح السياسية  و الجيواستراتيجية لبلدانها كما فعلت في السابق مع الحالة الأفغانية أين تحولت حينها أجهزة مخابرات الكثير من الدول الغربية إلى وكالات لتجنيد و نقل المقاتلين إلى أفغانستان لمحاربة الجيش الأحمر أثناء الحرب الباردة، قبل ان يتحول أولئك “المجاهدون” إلى إرهابيين يجب القضاء بعد ان انتهت مهمة مقاتلة الروس و أصبحوا مصدر تهديد على المصالح الغربية.
إن هذه القمة جاءت كالعادة في الوقت بدل الضائع و بعد تفاقم الظاهرة ، لتتأكد مرة أخرى أنانية الدول الغربية في التعاطي مع المعضلات الدولية و على رأسها الإرهاب حيث أنها لم تحرك ساكنا فيما يخص مسألة المقاتلين الأجانب إلا بعد أن أصبحوا مصدر تهديد مباشر على أمن  الدول الأوربية  لدى عودتهم إلى بلدانهم الأصلية ،في حين كانت تعتقد أنها ستتخلص من اولئك المتطرفين  ان هي سمحت  لهم بالذهاب الى الموت في سوريا بل سهّلت لهم ذلك ، بينما الذي حصل هو العكس تماما فالكثير منهم نجا من حتفه و وجدت هذه الدول نفسها تواجه عائدين اليها من سوريا  أصبحوا أكثر راديكالية بل و دموية مما كانوا عليه في السابق و هذا  لان أوربا تأخرت في معالجة الظاهرة عندما كانت بعيدة عن أبوابها ؟

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024