تنتظر المجمعات العمومية التي تقود المؤسسات الاقتصادية العمومية مهمة تعزيز وتيرة النمو من خلال استفادتها من مساحة واسعة للمبادرة الاستثمارية المحلية والخارجية، وينتظر أن يحقّق القائمون عليها الوثبة المطلوبة في ترقية أساليب التسيير باعتماد المناهج الحديثة في توظيف الموارد المادية والبشرية، وبشكل يضمن إنتاج الثروة بالحجم اللازم لتعويض الخسائر المسجلة جراء تراجع أسعار المحروقات، وبالتالي الحفاظ على التوازنات المالية الكبرى وحماية الاحتياطات بالعملة الصعبة.
من الآن فصاعدا، أصبحت المؤسسة الاقتصادية في قلب السوق الاستثمارية لتواجه الميدان الذي يتوفر على فرص ثمينة للنمو وتحقيق الربح من خلال منظومة البرامج الاستثمارية العمومية التي سطّرتها الدولة في شتى القطاعات وكذا الإجراءات التحفيزية المتضمنة في قانون المالية الحالي لتحسين مناخ الاستثمار، الذي يجب على قادة المجمّعات الـ12 الجديدة أن يقودوا المؤسسات المنضوية تحتها إلى الاستفادة منها.
وفي هذا الإطار، فإن المطلوب منهم التخلص - وبمجرد الكشف عن مخططات العمل واعتمادها في شهر جوان القادم كما هو مقرّر من الوزارة الوصية - من ثقافة الركون إلى العمل المكتبي والانتقال من مرحلة التنظير إلى مرحلة التواجد في الميدان بالعمل في الورشات على مستوى المواقع الإنتاجية وإدراك سريع وعقلاني لمؤشرات الأسواق المحلية والخارجية من منطلق توسيع الشراكة على أساسا قاعدة 51 / 49 التي تفرز بين المستثمر الأجنبي المقتنع بديمومة العمل في السوق الجزائرية وغيره ممن لا تتجاوز مشاريعهم إطار الصفقات التجارية.
ولم يعد أمام القائمين على دواليب القطاع الاقتصادي العمومي على كافة مستويات التنظيم الهيكلي الجديد (رؤساء المجمّعات، مجالس الإدارة والمؤسسات الإنتاجية) من حجج أسقطتها الإصلاحات، يتمترسون وراءها لتبرير عجز أو فشل أو تقاعس، خاصة بعد الحسم من جانب الدولة في مسألة رفع التجريم عن أفعال التسيير من أجل وضع المسيّر الاقتصادي في مركز مريح وملائم للمبادرة واتخاذ القرار الاقتصادي بمعايير السوق دون السقوط في مساحة تقع تحت طائلة قانون مكافحة الفساد.
وأكثر من هذا كلّه، تعززت وجهة السوق الجزائرية للاستثمار بشكل مثير مستقطبة متعاملين مهتمين من مختلف جهات العالم، يدفعهم للمجيء إليها عناصر جذابة يوفرها المحيط وجملة الضمانات التي تمنحها الدولة، بدليل انجاز سلسلة من المشاريع الصناعية الإنتاجية في انتظار أن تتحقق أخرى مسجّلة تكون فيها المؤسسة الجزائرية فعالة بارتقاء العنصر البشري المحلي إلى مستوى نظيره الأجنبي في مضاعفة الجهد وابتكار الحلول واقتصاد النفقات بالانفتاح على المحيط خاصة الجامعات ومراكز البحث والتطوير، حيث البيئة الحقيقية لتفجير الذكاء الإنساني المنشئ للقيمة الاقتصادية المضافة.
إنّها حتما ساعة الحقيقة للقطاع العام حتى يؤكد جدارته بحجم وقوة المرافقة التي خصّتها به الدولة لسنوات قناعة بالدور الاقتصادي الفعال والمساهمة الاجتماعية الملموسة من جانب المؤسسة الإنتاجية في شتى القطاعات الصناعية والتحويلية والسياحية التي تدخل السوق بعناصر مناعة أمام المنافسة بما فيها الأنشطة الموازية التي بدأ التضييق عليها بإجراءات ميدانية شملت في مرحلة أولى سوق المضاربة في العملة الصعبة وتليها بلا شك عمليات تسليط الضوء على ورشات ومعامل تنشط في الظلام.
كلمة العدد
ساعة الحقيقة . .
سعيد بن عياد
17
أفريل
2015
شوهد:584 مرة