قبل حوالي تسع عشرة سنة اغتيل أمير المسرح الجزائري عز الدين مجوبي على يدي مجموعة مسلحة، لم يمت حينها هذا الرجل الذّي تميز بقوته على خشبة المسرح فحسب، بل توفيّ معه المسرح الجزائري ككل.
صاحب «غابو لفكار»، «عالم البعوش»، نوارة بنتي والعيطة ومثل في مسرحية «الشهداء يعودون هذا الأسبوع»، لم يعد بعد ذاك الوقت لا الشهداء ولا مجوبي ولا المسرح، أذكر أني تألمت لاغتياله ألما عميقا؟ هل كان حدسي حينها في محله؟
أحسست أن المسرح حينها لن ينجب أسماء مثله لموهبته النادرة، وحبّه العميق جدا للمسرح ولحبي الكبير أيضا للمسرح لما له من عمق في تطوير الفكر وتهذيب السلوك وتوجيه العامة، فلقد كان المسرح العمود الفقري للدولة الرومانية التي ماتزال آثاره متواجدة على تراب الجزائر في مدينة جميلة وتيمقاد، التي تحولت إلى مكان للرقص، على وقع المهرجانات الثقافية التي لا تبتعد عن إطار الغناء والدبكة العربية اللبنانية...
كما أذكر أيضا وفاة الشاب حسني مطرب الرايّ حين كنت طالبة بالجامعة سنة 1997.
كانت معظم الفتيات يبكين موته، إلا أنا فقد. ترحمت عليه ربما لأنني لست من هواة الاستماع لأغانيه العاطفية، أو ربما لحدسي الفطن الذي ينبئني أن أمثال هذا الفنان سيولدون تباعا وسينجب الرايّ الفن الغنائي الشبابي في الجزائر أمثال الشاب حسني رحمة الله عليه، وفعلا ها نحن أمام الكثير من الشباب منهم الشاب الهندى والشاب بلال... والأسماء كثيرة لا أحفظها؟
الجميع يصدح بصوته على خشبة المسرح اليوناني التاريخي في جميلة وتيمقاد وفي قاعة الحفلات، في حين يفتقر المسرح إلى رواده الحقيقيين، ألم تستطع أرض الجزائر إنجاب أمثال عزالدين مجوبي وعبد القادر علولة، أم أن الثقافة الجزائرية باتت تهتم فقط بأشباه الفنانين الذين ذاع صيتهم على القنوات التلفزونية؟؟ في مختلف البرامج ؟؟ ترى متى يستفيق المسرح عندنا ويوجه أحضانه لأولئك الشاب الذين أعرف بعضهم ممّن يسري المسرح في عروقهم فلم يجدوا سبيلا لذلك؟؟
والمفارقة الأكبر حين نتضامن مع غزة الجريحة بصوت الدبكة اللبنانية، في حين غزة تذرف دموعها ليل نهار على شهداء لم يموتوا على نغمات موسيقية هادئة، بل على صوت القنابل والصواريخ وقذائف الدبابات.
إلى متى نبقى نتجاهل أعمق الأمور التي يمكنها أن تمتص عنف الشباب الحالي، فلا نطرح السؤال لماذا العنف في الملاعب، ربما لغياب المسرح؟
ليندة كامل
لماذا العنف في الملاعب؟
28
أوث
2014
شوهد:1019 مرة