إذا كان جار السوء الغربي قد اختار العزلة والتنصل من التزاماته تجاه المغرب العربي الكبير؛ حلم الماضي وطموح المستقبل لشعوب المنطقة، فإن بوادر أمل لا تزال تُشعّ في واقع وأفق العلاقات الجزائرية الموريتانية، حاملة التطلعات المشروعة لتجسيد مشاريع تعاون وتكامل وشراكة تعود بالنفع المشترك على الجانبين في زمن عولمة شرسة تفرض تكتلات في مختلف القارات، غايتها الأولى والأخيرة الهيمنة على الأسواق ومصادر الطاقة.
من الجزائر إلى نواقشوط ترتسم أكثر فأكثر معالم نموذج عنوانه العريض شراكة مستدامة وشاملة تراعي كل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ضمن القواعد التي تحكم حسن الجوار بكل ما تعنيه من حماية للحدود وتأمينها في وجه مؤامرات تدبر هنا وهناك من أطراف محلية وإقليمية تخشى بروز هذا النموذج القائم على الثقة واليقظة، ينير الدرب للمستقبل انطلاقا من ثوابت توطد العلاقات وتزيدها متانة.
مع إرادة صلبة كهذه، لا يمكن للجغرافيا أن تحدّ من مداها أو للمناخ أن يعيق ديناميتها. لذلك، كانت نتائج الدورة الأولى للّجنة الحدودية الثنائية بالجزائر حاملة لثمار تؤسس لانطلاقة قوية، من خلال مشاريع إقامة منطقة للتبادل الحر وإنجاز طريق بري يربط بين تندوف والزويرات والترخيص للصيد البحري في المياه الإقليمية الموريتانية، وقبله بوابة التبادل التجاري، تعبر منها مختلف السلع، هي مرحلة متقدمة في سجل التعاون الحقيقي بإمكانيات محلية قابلة للتحول إلى قيمة مضافة يلمسها السكان في البلدين.
إنها بحق نواة أخرى للتعاون الإقليمي دون انتظار حلول هي سرا تأتي من بلدان الشمال. ففي جنوب المعمورة وفي هذا الجزء بالذات من القارة السمراء، تتجدد المقاربة الصحيحة التي تستوعب آمال وأحلام الأجيال في كنف السلم والتعاون، بحيث من شأن البنية التحتية المواتية والتناغم في المواقف والتشريع، أن يعيد تلك الصورة الراقية للبلدين، مصدرًا للثروة من موارد محلية، تنتجها سواعد الشعبين، مرتكزة على الكفاءات والإبداع والذكاء الإنساني، صمام الأمان في مواجهة مشاريع هدامة ينفق عليها البعض ويسوق لها البعض الآخر في المنطقة، عقيدتهم الدّوس على القانون الدولي وإثارة الفتن والنزعة التوسعية، زادها التسلل الشيطاني للكيان الصهيوني جعل من المغرب منصة خدومة.
كلام آخر
بوادر أمل
سعيد بن عياد
09
نوفمبر
2021
شوهد:245 مرة