في وقت تغير العالم وتغيرت معه حقائق جيوسياسية، لا يزال مجلس الأمن هو نفسه وكأنّ العالم متوقف في 1945، التاريخ الذي صاغ فيه المنتصرون في الحرب العالمية الثانية ميثاق الأمم المتحدة وفقًا لمصالحهم الوطنية، إذ خصصوا لأنفسهم المقاعد الدائمة وما يرتبط بها من حق النقض.
ويتشكل الذراع الأقوى للأمم المتحدة والأداة الأبرز لتكريس هيمنة القوى العظمى، على دول العالم الثالث (مجلس الأمن) من 15 عضوا من أعضاء الأمم المتحدة، منهم خمسة دائمون: الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، الصين وروسيا، وعشرة أعضاء يتم انتخابهم بواسطة الجمعية العامة لمدة سنتين، ولا يجوز إعادة انتخاب أحدهم مباشرة لعهدة أخرى.
بات مجلس الأمن اليوم يخدم مصالح الدول الكبرى دائمة العضوية التي تملك حق «الفيتو»، بما يسمح لها منع صدور أي مشروع قرار، وبالتالي فهو يعيق عمل المؤسسات الدولية، الشيء الذي يجعله بحاجة الى إصلاح من خلال إضافة أعضاء آخرين يتمتعون بصلاحية ممارسة حق النقض، بما يضمن التمثيل العادل لجميع الدول على أساس التوزيع الجغرافي.
المتتبع لتركيبة المجلس اليوم، يرى أن هناك توزيعا غير عادل في تمثيل قارات العالم، والقارة الإفريقية مغيبة تماما، وهي الوحيدة التي ليس لها ممثل دائم في مجلس الأمن، بالرغم من مطالبة العديد من البلدان الإفريقية بإنصاف القارة المظلومة تاريخيا، في صورة الجزائر التي دعت على لسان وزير خارجيتها قبل أشهر فقط، لإنهاء الظلم التاريخي بحق القارة الإفريقية داخل مجلس الأمن وطالبت بمنحها مقعدين دائمين فيه.
وكانت الجزائر ولا زالت ترافع من أجل القارة السمراء وبلدان العالم الثالث في المحافل الدولية، وتصطف الى جانب الشعوب المستضعفة والمقهورة، كما هو الحال مع الشعبين الفلسطيني والصحراوي اللذين لا يزالان يعانيان تحت وطأة الاحتلالين الصهيوني والمغربي على التوالي، أمام صمت رهيب للمجتمع الدولي وغياب تام لمجلس الأمن، الذي تبين أنه خاضع لنفوذ دول متمتعة بحق النقض تحمي مصالحها ومصالح حلفائها ولو على حساب الشرعية الدولية العمود الفقري للأمن والسلم الدوليين.