ربما السؤال الأكبر الذي يتبادر إلى الأذهان، يكمن في مدى قدرة بايدن على منح جرعة أكبر للعلاقات الأمريكية مع مختلف الحلفاء؟... بما يسمح بإزالة التوتر الذي قلل من تطابق وجهات نظر أهم الشركاء المميزين لواشنطن، ومواجهة بدبلوماسية وذكاء دقيق مختلف السياسات تجاه القضايا المعقدة، بما فيها ملفات منطقة الشرق الأوسط التي توجد على صفيح ساخن، في ظل حرب المصالح التوسعية على حساب أرواح الأبرياء.
ينتظر العالم من بايدن، أن يكسر حواجز ترامب الاستفزازية تارة وتارة أخرى يقضي على تلك السلوكيات التي تتمادى في توبيخ الآخر، من خلال إطلاق إصلاحات دبلوماسية عميقة تزيل التناقضات ومختلف الإشارات السلبية المفاجئة، التي ظلت طيلة الأربع سنوات الماضية تعكر صفو العلاقات بين بلده والدول الأعضاء في حلف شمالي الأطلسي «الناتو»، وإعادة الثقة إلى التحالفات الدولية والاتفاقيات العالمية.
ينبغي أن يأخذ العالم العربي محل الجد توجه بايدن الحقيقي، حتى لا ينخدع من الجانب الشكلي الذي نجح في إقناع الكثيرين أنه يوجد فرق كبير في نوعية الخطاب بين ترامب وبايدن، على اعتبار أن بايدن صاحب الخطاب الهادئ والذكي في الحقيقة، لن يتردد في استعمال كل أوراق الضغط لتجسيد خططه السياسية، ولا يجب تجاهل أن الرئيس الديمقراطي الجديد الذي سيكون امتدادا لما فعله أوباما، مؤيد قوي وصديق عظيم للكيان الصهيوني، وفوق ذلك لن يرفع الظلم عن الفلسطينيين، لأن كلمة «احتلال» لم ترد على الإطلاق في برنامج السياسة الخارجية لحزبه، كما أن سياسة التطبيع لن تتوقف، كونها صارت درعا منيعا لحماية «إسرائيل المدللة».
السياسة الأمريكية ثابتة في القضايا المحورية، بل وستنفذ بجدية أكبر في عهدة بايدن، ومختلف القرارات التي تخدم المصلحة العليا لبلد العم سام، ستعرف طريق النور. وبطبيعة الحال لا يستثنى منها الحفاظ على مصالح حلفائها الاستراتجيين بالدرجة الأولى، وإن كان من السابق لأوانه الحديث عن مدى قدرة بايدن على إسكات صوت الحروب أو انعدام تأثيره على ذلك. وما يعزز هذا الطرح، أن القادم الجديد للبيت الأبيض، كان في السلطة نائبا للرئيس السابق أوباما، طيلة عهدتين رئاسيتين، واكتفى بدور الشاهد على دمار دول بلهيب «الربيع العربي»، تحت غطاء الديمقراطية أي «شاهد حرب» لم يحرك ساكنا لمناشدة السلم والمرافعة لحقن الدماء.