فرنسا.. الكيل بمكيالين

نور الدين لعراجي
08 جوان 2020

بقرار رسمي، منعت الادارة الفرنسية أمس التظاهر امام السفارة الامريكية بقلب باريس، وجندت لها قوات كبيرة من تشكيلات أمنية لحماية المكان من أي انفلات امني من شأنه خلق فوضى خرافية ستعمق الفارق وتعكر برودة العلاقة بين البلدين، خاصة في ظل الجائحة وإفرازاتها في بلدين يعيشان حالة حراك شعبي غير مسبوقة، لم تكن الاوضاع الاقتصادية سببه ، إنما هي الممارسات السياسية التي غذتها حلبة الصراع ألاثني والعرقي.
بالأمس القريب، والجزائر تعيش مخاض التحول السياسي بالجبهة الداخلية، برفضها الكذبة الخامسة، تحرك الشارع الجزائري عن بكرة أبيه، مستنكرا الاملاءات الغربية، متخذا من الحراك الشعبي عصا موسى، ساعتها قامت نفس الادارة الفرنسية بمنح ترخيص لمجموعة من الافراد ، وسمحت لهم بالتجمع امام السفارة الجزائرية بباريس ، حيث تابع العالم أجمع ، كيف انسلخ هؤلاء من سلوكيات التمدن والحضارة ، وراحوا يحولون المكان الى مفرغة ، جمعوا لها الفضلات من كل الشوارع القريبة والمؤدية الى المكان .
جرت تلك الاستفزازات غير اللائقة تحت انظار وحماية الشرطة الفرنسية في صورة توحي بحكمة «حاميها حراميها»، وتناقلت وسائل الاعلام الفرنسية تلك «الوقفة»، عفوا تلك الهجمة ، عبر قنواتها الرسمية ، طبعا الامر لم يعد غريبا وان كان مستفزا، إلا انه أبان نوايا الجهة التي منحت الرخصة لتلك الشرذمة ، وهي نفسها التي فتحت مقر البرلمان الأوروبي لبعض المنبوذين ، حين طالبوا بالتدخل الاجنبي في الجزائر وحماية الاقليات والحريات حسب العريضة التي قدموها قبل انتخابات ديسمبر 2019.
والغرابة في الموضوع ، ان الادارة صاحبت الايعاز ، سمحت ايضا لبعض السلالات الآدمية من التهجم على كبار السن من المنتخبين بالضرب والشتم ، بل وصل بهم الامر الى منع أفراد الجالية الجزائرية من الالتحاق بمراكز الاقتراع ، وقد تابع العالم أجمع كيف تحولت الشوارع القريبة من مقرات البعثات الدبلوماسية الجزائرية ، الى بؤرة لقطاع الطرق المندسين تحت شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع، وحدث هذا تحت انظار الشرطة ورجال الدرك الفرنسيين ، دون ان تحريكهم ساكنا.
كيف اشترطت نفس الجهة على جموع المتظاهرين رخصة بالتجمهر أمام السفارة الأمريكية، وكيف يمكن تبرير هذا الرد وهومن نفس الفعل الذي حدث مع الجزائر؟ أم انها سياسة الكيل بمكيالين تضبط اوراقها كلما تعلق الامر بنوعية الخصم.
وهل يمكن للمتآمرين في الضفة الاخرى تفسير ما يحدث ؟ أم انهم أسود على وطنهم، يوجهون سهاهم نحوه ، وهل يمتلكون الجرأة للحديث عن ما وقع امس من منع وقمع للتظاهر في الشوارع إلا بتصريح . الاكيد انهم لا يستطيعون الرد اوتبرير ذلك ، لان العمالة والخيانة جرت بها المقادير المزيفة ،ولم تعد ترى الاشياء بمنظور الحقيقة الصادمة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024