لم يستطع الممثل الفكاهي «بنيبن» إخفاء فرحة ظلت عالقة على مشارف النسيان والعوز... وهاهي دموع الفرجة والفرحة تسابقان جسده المترهل لتخفيان معالم الألم، لم يتمالك نفسه وهوينصت في تؤدة متوترة، يداه تمسكان سماعة الهاتف كمن يشد على قداسة الوصال بنواجذه، للرد على مكالمة مهربة من زمن الجزائر الجديدة.
مكالمة لم ينتظرها، ولم ترسم في مخيلته معالمها، ارتجف وهويستمع لصوت من الضفة الأخرى، لم يكن المتحدث طبيبا، يخبره عن قرار تشخيص مرضه، ولم يكن الصوت واحدا من أفراد عائلته الصغيرة أوالكبيرة يستفسر عن حالته، إنما المتصل هورئيس الجمهورية عبد المجيد تبون شخصيا.
«بنيبن» وهويرد على مكالمة الرئيس، لم يكن الأمر يسع ضخامة جسده، ولم يكن الاتصال عاديا، بل يختلف تماما عن المألوف، والأكيد أيضا أن نسبة الادرينالين ارتفعت عن معدلها الطبيعي، وهوما عبر عنه بقوله «شعرت أن الأرض اهتزت تحت قدماي».
بقدر ما أدخلت على نفسه فرحة استثنائية، فإنها أخرجته من دوامة العزلة والمعاناة، جاعلة الحظ يبتسم في طريقه للتخلص من السقم والألم، بعدما زرع الفرحة على قلوب الأسر والعائلات الجزائرية من خلال العروض الفنية والتمثيلية، وليس حري بنا التنكر لواحد كانت طلته على الشاشة تضحك الصغير قبل الكبير.
هذه الالتفاتة النبيلة تحمل رسائل محبة وتواصل، لكل فعاليات المشهد الثقافي والفني، ولنا في بعض المحطات السابقة، تلك الرؤية والنظرة نذكر بعضها على سبيل الذكر لا الحصر، منحة الفنان في ظل جائحة كورونا، تهنئة الروائي عبد الوهاب عيساوي بنيله جائزة البوكر العربية للرواية، وبعض المحطات الأخرى، التي كانت سندا معنويا مهما يحفز الابداع.
المشهد الثقافي في حاجة إلى تجدد يراد منه احترام الآخر والتعايش معه.