كلمة العدد

الإنتصـار أو الإنكسـار

سعيد بن عياد
30 ماي 2020

ضاعف «كوفيد-19» من متاعب الاقتصاد، الذي ما إن دخل مرحلة مواجهة تداعيات الصدمة البترولية حتى دفع به تفشي الوباء عبر العالم إلى دوامة أزمة خانقة تستوجب التزام كافة الشركاء بانتهاج مقاربة واقعية توازن بين متطلبات الوقاية والاحتراز من الخطر الوبائي والحرص على تأمين وتيرة النشاط الاقتصادي بالتدريج دون التفريط في التدابير الصحية.
الجيش الأبيض خير مثال لمواصلة العمل في ظل الوباء وعدم الوقوع في الحلول السهلة حتى وإن كانت المبررات مفهومة وكلفتها سوف تكون باهظة، كما أن هناك قطاعات عديدة واصلت العمل رافعة تحدي البقاء ومقاومة الفيروس لضمان الديمومة في عالم سوف يعاد بناؤه وفقا لمصالح اقتصادية تحدد معامل التوجهات الجيوسياسية.
لذلك فإن الكرة في مرمى المواطنين والمؤسسات وكافة المتدخلين في الساحة الاقتصادية بمن فيهم الناشطين في الاقتصاد الموازي، وذلك بانخراط الجميع، منتجا ومستهلكا وتاجرا وصاحب خدمات في مسار الالتزام بقواعد الاحتياط من الوباء لتأمين ديمومة العمل وتوفير مداخيل لأسرهم حتى ولو بمعدل أقل مما كان قبل كورونا.
في هذا الإطار، من المفيد تنشيط لجان الأمن والوقاية على مستوى المؤسسات الاقتصادية لتأمين مواقع العمل على مختلف منصات الإنتاج والورشات ومرافقة العمال في تأسيس ثقافة الحماية، لأن كل تأخر في إعادة تشغيل عجلة النمو سوف تكلف المجموعة الوطنية الكثير، في وقت سارعت فيه بلدان قوية إلى تكييف أنظمة العمل وملاءمة أساليب الإنتاج ومواكبة المرحلة بذهنية أكثر جرأة، خاصة بعد التأكد من أن الوقاية بوسائل بسيطة خير سلاح في وجه الفيروس.
ففي عديد القطاعات بدأت تعود تلك الحركية ولو بالتدريج مثل ورشات الإنتاج لسوناطراك قاطرة الاقتصاد ومتعاملي التجارة وقبلهم عالم الفلاحة خاصة في الصحراء، حيث مؤشرات موسم الحصاد مشجّعة، في انتظار أن يتحرك قطاع النقل وفقا لقواعد صحية صارمة مثل التباعد بتقليل عدد الركاب، ليكون المتعامل أمام امتحان مصيري، إما الانتصار والبقاء أو الانكسار والضياع، وهو ما ينبغي الحذر منه، بالنظر لقيمة الكلفة التي تستوجبها مرافقة من يفقدون مناصب عملهم أو تختفي نشاطاتهم.
في ظل أزمات مثل الظرف الصحي الراهن، تظهر قوة المجتمعات ومدى صلابة المؤسسات والمرافق الأساسية للبنية التحتية للاقتصاد، الذي يقف اليوم بجميع قطاعاته على عتبة مصيرية لا تحتمل التردد في ظل اتجاه العالم برمته للتعايش مع الخطر ومواجهته بفعالية وفقا لمعادلة الوقاية وديمومة النمو، في ظل تحديات أكثر خطورة تلوح في أفق عولمة تزداد شراسة مثلما يعكسه المشهد حاليا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024