وقف المرفق العمومي الإداري المؤسساتي التجاري صامدا وثابتا خلال الأزمة الصحية، مقدما خدماته العادية بدون أي خلل يذكر. أبوابه إستمرت مفتوحة يوميا لكافة المترددين عليه في وسط من التدابير الوقائية الصارمة التي تحمي الموظفين والمواطنين في آن واحد.
الحرص الدائم الصادر عن السلطات العمومية بديمومة عمل المرفق العمومي، إتضح أكثر خلال تفشي هذا الوباء في أداء المهام المخولة له بكل مهنية، بالرغم من الظروف النفسية الصعبة أثناء ذروة نتشار العدوى وتسريح نصف التعداد من اليد العاملة المؤهلة ذات الخبرة في إدارة شؤون المصالح المعنية.
هذا لم يمنع أبدا المكلفين بضمان الخدمات المطلوبة أن يتحدّوا التضخيم والتهويل حول المرض بالإلتحاق كل صباح وفي الوقت المحدد بمكاتبهم إلى غاية ساعة متأخرة من المساء.
وفي عز تلك الأوضاع الصحية المعقدة آنذاك، ما بين شهري مارس وأفريل خاصة، ظلت أبواب الصيدليات، البنوك، البريد والإتصالات، المستوصفات، المياه، البلديات، المحلات التجارية غير المعنية بالغلق والكهرباء، تستقبل الناس كما اعتادت على ذلك من قبل، بعيدا عن أي تغيير في طرق عملها، ما عدا مطالبة الجميع بالإمتثال إلى قواعد الوقاية المعمول بها تفاديا لأي مكروه وديمومة المرفق العمومي بشتى طبيعته الإدارية أو الخدماتية في الحالات الإستثنائية يستحق ذلك التثمين والتقدير في آن واحد، لا لشيء سوى لأنه أدى مهمته على أكمل وجه مانعا أي شكل من أشكال الإختلالات المسجلة أحيانا في حدوث ندرة ازاء قطاع معين وهذا بشهادة كل من تردد على تلك المصالح وبالأخص سحب الأموال في حينها دون أي انتظار أو تضييع للوقت، بالإضافة إلى إيداع الوثائق وغيرها من الأشغال اليومية الملحة التي يجد المرء نفسه مضطرا أحيانا للقيام بها في أوقات خاصة ومفاجئة.
ومثل هذه التجربة الثرية التي مرت علينا، تدعونا إلى التأمل فيها معمقا قصد الإستفادة منها في حال وقوع أي طارئ - لا قدر الله - من باب تقييم كل تلك الجوانب الإيجابية فيها واعتبارها منطلقات مرجعية في المستقبل بالإمكان الإعتماد عليها، كونها جاءت في أوضاع غير عادية وباء فتاك واجهته إجراءات دقيقة لوقف ووضع حد لأذاه.
وقد كانت تلك المرافق في مستوى التطلعات باختلاف مهامها، أدتها على نطاق واسع وكامل لصالح المجموعة الوطنية حفاظا على استقرار المؤسسات من كل الهزات حتى وإن كانت ذات طابع صحي.
وسمح هذا الحضور القوي، بالتغلب على الضغوطات الأولية، منها القضاء على الندرة الناجمة عن الإقبال الكبير على المواد الأساسية وهذا بالإكثار من العرض وتوفير ما يلزمه، ففي فترة قياسية عادت مادتاس السميد والفرينة إلى الرفوف بالرغم من الطلب المتزايد عليها.