الظاهر أننا نتجه للعيش مع الخطر الفيروسي في غياب لقاح يجري تنافس بين مخابر العالم للوصول إليه، في ظل اتجاهين؛ واحد رأسمالي يسعى للهيمنة وتحويل الأزمة الصحية إلى سوق، وآخر يمكن وصفه بـ «الإنساني» يسعى لأن يبتكر دواء يوضع في متناول البشرية، التي ترزح تحت وطأة فيروس كورونا مغيّرا في طريقه حياة البشر والأوطان.
عندنا الأمر خلاف ذلك، فليس من مخرج سوى أن يدرك المواطن أن الوقاية هي اللقاح والدواء والعلاج في الظرف الراهن دون تكلفة أو مشقة، إذ يكفي فقط أن يلتزم كل فرد بالإجراءات الاحترازية الذاتية والجماعية. بشأن هذه الأخيرة التي تتعلق بعلاقة الفرد بالمجتمع، ليس هناك ما هو أنجع من احترام مسافة التباعد الاجتماعي وليس عيبا أو بدعة أن يقف المواطن في السوق أو العمل أو الشارع على مسافة، كما حددها أهل الاختصاص، من غيره لينجو ويقطع الطريق أمام تمدّد الفيروس الوبائي.
أمر مثير للاستفهام ذلك الذي رسمه بعض المواطنين غداة رفع الحجر، بالاندفاع دون مراعاة لجانب الصحة باتجاه محلات الحلويات التقليدية والملابس كأن الإنسان لم يأكل ولم يلبس، صانعين مشهدا جنونيا يخدم الفيروس ويمنحه فرصة الانتشار، فكان لزاما حينها إعادة تعليق النشاطات التجارية، طالما أطراف السوق (التاجر والمستهلك) لا يحترمون الشروط المحددة وكأنهم شركاء للفيروس.
للإنسان مسؤولية اجتماعية، مهما كان مركزه، ولا يمكن أن يسمح واحد لنفسه بتعريض المجموعة لخطر العدوى، لذلك لا مفر من الرفع من مستوى التحسيس والتوعية بلا كلل ولا ملل حتى تدرك العقول الجامدة وتتفتح الأبصار أمام الحقيقة، وهي أن الخطر الوبائي لا يعترف بحدود أو مراكز ويفرض اليوم على الفرد والمجتمعات في كل العالم مراجعة نظام العيش وتغيير أنماط السلوك وارتداء قناع واق، بدل قناع الغش والخداع.
ماذا نفقد لو كل فرد انتهج مسار الوقاية طواعية وبمبادرة باتباع النصائح والحرص على تجسيدها، حينها يمكن أن تعود الحياة إلى طبيعتها وينهزم الفيروس دون انتظار ما تجود به المخابر، ولا بد أن تعود الحياة ويشعر المواطن أن الركون إلى الانهزامية، سواء عن قصد أو انتهازية، بالتغيب عن العمل والتحجج بكورونا ستكون كلفته باهظة على الجميع ولن ينفع الندم حالة فقدان مناصب عمل أو تعطل آلة الإنتاج وغيرها من إفرازات كوفيد-19 خارج ما يخلفه من ضحايا، ما يستوجب التزام كل واحد بقواعد الاحتراز لضمان الخروج من تعقيدات المرحلة إلى بر الأمان.