يحيي الجزائريون غدا الذكرى 75 لمجازر 8 ماي 1954 التي إرتكبها غلاة الجيش والشرطة والمعمرون الفرنسيون بسطيف خراطة، وقالمة خلال مسيرة شعبية مطالبة بالاستقلال عقب الوعود السياسي الني صدرت عن الحلفاء إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية.
حصيلة الضحايات كانت ثقيلة جدا 45 ألف شهيد سقطوا برصاص حقد وهمجية القتلة والمجرمين الذين إعترضوا مظاهرة سلمية إطلاق النار على الصف الأول الذي كان يقف فيه بوزيد سعال حاملا الراية الجزائرية خفاقة في سماء بعد رفض قاطع من المناضلين ازالها اثر اعتراض طريقهم من طرف محافظ الشرطة أوليفيري والمفتشين الذين ساروعوا الى عين المكان من أجل محاولة تفريق هذا الحشد لتجريد هذا الحدث من طابعه السياسي امام هذا الصمود الشعبي الجارف الذي بدأت ملامحه تتشكل استعدادا لموعد تاريخي حاسم.
بعد 10 سنوات من نضال الحركة الوطنية ورموزها خاصة حزب الشعب الحامل للمشروع الثوري بأبعاده في الاستقلال إنصهر كل هذا العنفوان التحرري في بوتقة استرجاع السيادة السلبية وهكذا قرر الجزائريون تغيير مجري التاريخ باعلانهم اندلاع الثورة في أول نوفمبر 1954 في بيان مفصل حدد بدقة أسباب وأهداف محاربة النظام الاستيطاني الي غاية تحقيق الاستقلال.
من 8ماي 1945 الى 1 نوفمبر 1954 مسار نضالي شاق ومضني تعرض فيه الرجال الأشاوس ال ىكل أنواع الملاحقات المضايقات التصفيات والمحاكمات الصورية والنفي القسري والتعذيب الوحشي من أجل جزائر حرة غير تابعة لفرنسا وليست أبدا قطعة منها كما روجت له المدرسة الكولونيالية زورا وبهتانا.
لذلك، فان عادت بنا الذاكرة الى 75 سنة مضت لنستحضر شريط تضحيات الشعب الجزائري الغالية فانما يرسخ فينا الوفاء لعهد كل من استشهد ليعيش هذا الوطن ولكل الذين وجهوا رسالة خالدة مفادها « حافظوا على ذاكرتنا» هذه العبارة اوالمقولة المتداولة عبر أدبيات الثورة والواردة على لسان رجال صدقوا ماعهدوا الله عليه تحمل دلالات ضمنية موجهة الى أجيال مابعد الثورة على أن يكونوا حريصين على رسالة الشهداء الأبطال ونقلها من ذاكرة الى أخرى والدفاع عنها وانقاذها من النسيان والمحو.
وبالرغم من كل هذا، فانما وقع في 8 ماي 1945 يُصنف في خانة الجريمة ضد الانسانية والابادة المتعمدة والى غاية يومنا فان الدوائر القضائية الفرنسية حاصرت هذا الشكوى التي رفعت جمعية 8ماي 1945 خلال فترة الاشراف عليها من طرف بومعزة بالرغم من المساعي على مستوى المحكمة الأوروبية الا أن دار لقمان بقيت على حالها وشعر الجميع بحجم المؤامرة مما اضطرهم الى التخلي عن هذه المتابعة المطالبة بالتعويضات المالية.
ولم يتوقف الأمر عند هذا فان هناك أصواتا تعالت تطالب بمنحة من قتلتهم فرنسا خلال تلك الفترة صفة الشهيد وادراجهم ضمن قوائم اخوانهم بعد 1954 ومايزال هذا الطلب ساري المفعول الى غاية يومنا هذا.
وتبعا لذلك، فان فرنسا ترفض الاعتراف بالجرائم المقترفة ضد الجزائريين وكل مايقال هنا وهناك من تصريحات ليس الا ذر للرماد في العيون لاتمضي ليلة عليها حتي تم التراجع عنها فورا تحت ضغط اللوبيات والأوساس السياسية التي ما تزال تحن لطروحات أكل عليها الدهر وشرب.
انها معارك وجود واثبات وفرض الذات أين أرشيفنا ياترى؟ كل الوثائق المتعلقة بتاريخ الجزائر في المتاحف الفرنسية يكتب عليها عبارة» ليس للاطلاع» او بالأحرى يمنع منعا باتا السماح بالوصول اليها هذه القاعدة التعسفية مطبقة حاليا على»جماجم» زعمائنا من المقاومة الشعبية الذين للأسف وضعهم مسؤولو متحف الانسان بباريس في علب مرقمة وفي غرف المحفوظات لاتليق أبدا بمقامهم الرفيع وكاريزماتهم المقاومتية لايقبل الجزائريون بهذه الاهانة ابدا وعلى هؤلاء إرجاعهم لنا طال الزمن ام قصر.. ولن يتم التخلي على مثل هذا الطلب كونه جزء لايتجزأ من تاريخ الجزائر في كل مرة يطالب بها الجزائريون الاوتقام الدنيا ولاتقعد ويدعي مسؤولو المتحف بأن قرار التسليم يتجاوزهم يوجد في مستويات أخرى.
فإلى متى هذا التعطيل المقصود؟ لاسترجاع 536 جمجمة، 70منها تابعة لمقاومة الزعاطشة ببسكرة.
ففي ذكرى مجازر 8ماي 1945 نستلهم القيم النبيلة من تضحيات الجزائريين من المقاومة الشعبية الى الثورة التحريرية لاقامة الدولة الوطنية السيدة وردة محتواها واضحا في وثيقة أول نوفمبر التي رفعت سقف المطالب الى إسترجاع السيادة الوطنية من استعمار إستيطاني بشع لم تشهده البشرية على الاطلاق كلف قرابة 8 ملاايين شهيد وأكثر.
وإزداد هذا الحرص مباشرة عقب الاستقلال في الخيارات الاقتصادية والاجتماعية القائمة على العدالة والتضامن المساواة وتكافؤ الفرص وبالرغم من التحولات العميقة في المسارات الدولية فان تلك القيم والمبادئ لم تشطب أبدامن السياسات العمومية ماتزال سارية المفعول الى غاية يومنا هذا هي امتداد لقناعات راسخة نابعة أساسا من المواثيق الأساسية لثورة التحرير المجيدة وماتلاها من نصوص أملتها مقتضيات تسيير الدولة.