كلمة العدد

الحلّ سياسي

فضيلة دفوس
05 ماي 2020

لا شك أن الوضع في ليبيا خطير ومرشّح لينزلق أكثر إلى دوّامة الحرب والانقسام. طبعا، فما يجري هناك على الأرض من اقتتال وما يصدر من مواقف صادمة للفرقاء يبعث على القلق الحقيقي ويشير إلى أن الأسوأ قادم.
في الواقع كلّما خطت ليبيا خطوة في اتّجاه مسار السّلام، إلا وتراجعت خطوات إلى الوراء. فبعد عقد مؤتمر برلين، في بداية السنة، اعتقد الجميع بإمكانية انفراج الوضع أو على الأقل تجاوز العقدة والانخراط في عملية سياسية حقيقية تسكت أصوات السلاح وتجمع أطراف الأزمة حول طاولة حوار واحدة دون حضور أجنبي للاتفاق على مخرج يرضي الجميع ويضمن إنقاذ البلاد مما وقعت فيه. لكن الذي حصل أن الصواريخ والقنابل عادت لتتساقط على رؤوس المدنيين الأبرياء، حتى قبل أن تجفّ الوثيقة التي خرج بها المؤتمر. وتزامن التّصعيد بالتّعزيزات العسكرية التي تلقّاها كلّ طرف والتي جعلت المعركة أكثر شراسة وخسائرها المادية والبشرية فادحة.
 والمفارقة العجيبة أن نيران الحرب استعرّت أكثر بالرّغم من وصول وباء كورونا الى البلاد وما يستدعيه من مواجهة وعلى الرّغم من النداءات الدولية الداعية الى وقف القتال وتوحيد الجهود لمحاربة العدو الذي حلّ بالدّيار.
وفي خطوة تزيد من تعميق الأزمة وتوسيع الشّرخ الذي يهدّد وحدة الشعب والأرض الليبية، خرج القائد العسكري المشير خليف حفتر، الذي يشنّ منذ سنة هجوما للسيطرة على طرابلس من دون أن ينجح في تحقيق هدفه، بإعلان مزلزل ينسف اتّفاق السّلام الذي رعته الأمم المتحدة في 2015 والذي ينظم العملية السياسية، ويشكّل إلى الآن الإطار الدولي الوحيد للاعتراف بالوضع الليبي، في إشارة إلى المؤسسات المنبثقة عنه وعلى رأسها حكومة الوفاق الوطني. كما أكّد حصوله على تفويض شعبي لإدارة البلاد، ما يعني تنصيب نفسه قائدا وزعيما لليبيا بصفة أحادية.
 إعلان حفتر، جاء في فترة يعرف فيها فشلا عسكريا كبيرا على الأرض أمام تقدّم قوات الوفاق الوطني، ما جعل البعض يربط إعلانه أحادي الجانب بهذا الفشل، لكن قراره لقي رفضا من المجموعة الدولية، التي أكّدت أن الصراع في ليبيا لا يمكن حلّه بقرارات انفرادية ولا بالوسائل العسكرية، بل عبر الحوار والتفاهم الذي يضمن سلامة البلاد واستقرارها.
إعلان حفتر، الذي استغل انشغال المجموعة الدولية بمحاربة كورونا، جاء ليخلط الأوراق ويزيد من تعميق الأزمة، بل وليضع البلاد على حافة التّقسيم، وهذا أمر خطير لا يمكن تجاهله، بل يتطلّب تحرّكا دوليا وإقليميا عاجلا لإعادة قاطرة السلام إلى سكّتها الصّحيحة.
 والحل، كما قلناه مرارا وتكرارا، يجب أن يكون سياسيا عبر الحوار لا الصواريخ، لهذا على الذين يمدّون أطراف الصراع بالسلاح ويعزّزونهم بالمرتزقة، أن يرفعوا أيديهم عن ليبيا، تكفي مأساة سوريا، لا نريد حربا في الجوار تدمّر المنطقة بأسرها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024