يعتبر تأسيس المجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيات خطوة مهمة على طريق مصالحة صانع القرار مع الجامعة والسماح لهذه الأخيرة بالمساهمة ولعب دورها في مختلف الديناميكيات الوطنية، سواء كانت سياسية، اقتصادية أو اجتماعية...الخ، على اعتبار أن الجامعة كانت دائما وفي كل دول العالم القاطرة التي سحبت الشعوب من وحل التخلّف والتبعية.
إن تأسيس هذا المجلس خطوة أولى على الطريق الصحيح وإقرار بأهمية المادة الرمادية في عالم يشهد تحوّلا جذريا تاريخيا، خاصة وأن مظاهر هذا العالم الجديد بدأ تدشينها بتكنولوجيات الجيل الخامس وما الحرب التجارية التي تزداد احتداما بين القوى العالمية الكبرى، إلا من أجل السيطرة على الجيل الخامس من الانترنيت «5G»، مما يؤكد أننا مقبلون على عهد عالمي جديد سينافس فيه الروبوت البشر في كل تخصصات ومناحي الحياة، حتى تلك الأكثر تعقيدا وحساسية مثل الطب، ومن منا لم يشاهد ذلك الروبوت الصيني الذي قام بإجراء فحوصات على أحد مرضى كورونا دون تدخل بشري؟
الأكيد، أن هذا التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل لم يصل إلى نهايته بعد، على اعتبار أن قدرة العقل البشري على التطور غير محدودة، على قول الإمام علي، رضي الله عنه، «كل وعاء يضيق بما وضع فيه إلا وعاء العلم فإنه يتسع»؛ بمعنى آخر أن الاكتشافات والإنجازات العلمية تفتح الشهية للمزيد من الاختراعات والاكتشافات وهذا يحتاج إلى المال، باعتباره العصب الحيوي وبهذا تكتمل المعادلة، لأن المادة الرمادية وحدها لا تكفي إن لم تتوافر لها أموال تحوّل ذلك المنتوج البشري إلى واقع.
يبدو أن الوقت حان للتفكير بشكل جدّي في إنشاء صندوق للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي في الجزائر، كما هو شأن الكثير من الدول، لتمويل البحث وتشجيع الباحثين الجزائريين، لأن الدول التي استطاعت أن تتبوّأ المراتب الأولى عالميا في المجال العلمي وبراءات الاختراع، لا يمكنك أن تفسر ريادتها العالمية إلا من خلال الاطلاع على أرقام الميزانيات التي تخصصها لمشاريع البحث والتطوير وهذا ما يؤكد ضرورة التفكير في إنشاء صندوق وطني للبحث العلمي، يشارك فيه رأسمال المال العمومي والخاص.