مازال الفيروس التاجي القاتل يعطّل آلة الإنتاج، مما أفضى إلى عزوف وتراجع حاد وكارثي في الإقبال على اقتناء النفط، ولأول مرة في التاريخ، تتهاوى أسعار البرميل إلى أقل من الصفر أي بمعدلات سلبية حيث البائع صار في مفارقة مفاجئة يدفع للمشتري 40 دولارا للبرميل بالنسبة للعقود الآجلة للنفط الأمريكي، في ظل عدم توفر أوعية للتخزين. ومما لاشك فيه أن آثار الاختلال المسجل بسبب كثرة العرض وقلة الطلب، أثر حتى على نفط برنت الذي تراجع في وقت يتوقع فيه الخبراء أن تسارع دول «أوبك+» في تجسيد اتفاقها المقرر أن يدخل حيز السريان الشهر المقبل، علما أن هذه الدول مجتمعة لا يتعدى إنتاجها 42 مليون برميل يوميا، وتخفيضها يقارب 10 ملايين برميل، حتى تزيح عن الطريق الفائض ، في وقت ارتفعت كمية النفط الموجود ضمن المخزونات العائمة عبر العالم، لتتجاوز الثلثين وتصل إلى 68 مليون برميل.
ورغم سلبية البيانات وعدم دقة المؤشرات ينظر بشكل إيجابي إلى جهود «أوبك» التي تمكنت من تعبيد مسار واضح لامتصاص الفائض وتصحيح الاختلالات، بل أن المعطيات السلبية للسوق في الوقت الحالي، ينظر إليها بأنها ستكون نعمة على منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» وشركائها، وبالكثير من التفاؤل ينتظر أن يساهم الوضع الدقيق والقاسي في تقوية موقع «أوبك»، لأن ما يقابله أن الإنتاج الأمريكي بات في مأزق لا يحسد عليه، في ظل عدم نجاعة الحلول الترقيعية المؤقتة، والتي لن تغير شيئا من متاعب المؤسسات الأمريكية الناشطة في مجال الزيوت الصخرية، خاصة بعد أن باتت على أبواب الإفلاس، وموت العديد من مشاريع النفط الصخري بعد الصدمة الكبيرة التي عصفت بأسواقها وجعلت التخزين مستحيلا.
إلا أن «أوبك» رفقة شركائها الذين باتت دائرتهم تتسع عقب انضمام دول جديدة للتحالف التاريخي ينظر إليها كسفينة إنقاذ لتجاوز الظروف القاسية التي انهارت معها الأسعار وغرقت فيها الأسواق في العرض واختفى منها الطلب، لكن هل فعلا ستتمكن أوبك من تجاوز الخطر وتحمل المصدرين إلى بر الأمان؟.