كلما حل الشهر الفضيل، عاد معه الكلام عن التهاب الأسعار والغلاء ففي كل رمضان نسمع عن إجراءات اتخذتها السلطات العمومية لضبط الأسعار ولكن رغم ذلك يفرض المضاربون منطقهم ويربحون الرهان؟ وأول يوم من رمضان هذا العام، الأرقام تغنينا عن الكلام، أسعار بعض الخضر قفزت إلى ثلاثة أضعاف؟
عندما تسمع حديث الناس في العالمين الواقعي والافتراضي عن تعليق صلاة الجماعة بالمساجد وحسرتهم على تفويت صلاة التراويح بسبب كورونا هذا العام، تقول في قرارة نفسك أن الدنيا بخير مادام قلوب الناس عامرة بالإيمان ومعلّقة ببيوت الله ولكن عندما تذهب إلى الأسوق يصدمك الواقع بتناقضاته وتجد ذلك الشخص الذي كاد يذرف الدموع حسرة على سنّة غير مؤكّدة (التراويح) لا يتوانى عن إيذاء الناس بالغش والغلاء الفاحش؟.
هذا عن البائع، حتى لا أقول التاجر فاظلم بذلك مهنة الأنبياء والرسل، ماذا عن المشتري أو الزبون؟ المتورّط هو الآخر في هذه الدوامة بلهفته على كل شيء، فتجده في طوابير طويلة لشراء كل ما يباع ويعرض ليساهم في اختلال اليد الخفية التي تسيّر الأسواق والأسعار وهي قانون (العرض والطلب) وبين هذا وذاك، الغائب الأكبر هي مصالح الرقابة ماعدا الزيارة الفجائية التي قام بها وزير التجارة فجر أمس إلى سوق الجملة للخضر والفواكه ببوقرة بالبليدة، والتي اعترف فيها بالفوضى التي يعرفها قطاع التجارة، بائعون ينشطون بدون سجل تجاري ولا رقم ضريبي ولا فواتير ...الخ مما يجعل مراقبة الأسعار مهمة مستحيلة بسبب عدم وجود مسارات واضحة للأسعار يمكن تتبعها بداية من الفلاح وصولا إلى بائع التجزئة، ماعدا ذلك يستحيل التحكم في الأسعار ووقف المضاربة لأن مراقبة المعاملات التجارية مهما كانت صغيرة لا تتم بالحملات الموسمية والخرجات الميدانية ولكن من خلال إعادة تنظيم ومراقبة الأسواق والمعاملات التجارية، لأن الأرقام المهولة هذه والمعاملات التي تتم خارج الأطر القانونية ودون فوترة هي من تتسبب في أضرار جسيمة للخزينة العمومية ولجيب المواطن على حد سواء وتهدد السلم الاجتماعي؟