عكس العديد من القطاعات، يعرف المشهد الثقافي في ظل جائحة كورونا انتعاشا من نوع خاص، بفضل اللجوء إلى الأنشطة الافتراضية، تعويضا لكل المهرجانات والمعارض والعروض الفنية والأدبية التي تم تأجيلها حتى تنجلي الأزمة.
يكثر الحديث عن التراث بشقيه المادي واللامادي في زمن فيروس كوفيد.19، من خلال المحاضرات والنقاشات التي يفتحها بالمناسبة - ولمدة شهر كامل - عبر أمواج الأثير والقنوات التليفزيونية والمنصات الرقمية، مختصون في الآثار والمعالم الثقافية والعادات والتقاليد وغيرها، وبرامج جهوية تحاول كل منها تسليط الضوء على ما تزخر به البلاد من معالم وكنوز أثرية وتراثية...
كمٌّ هائل من المعلومات يسمح بفضل التكنولوجيات الحديثة بتقريب الموروث المادي واللامادي الجزائري من المواطن ويطلق العنان للنقاشات والنظريات حول أهميته - أي «الموروث» التاريخي والحضاري - وحول ضرورة الاهتمام به أكثر والحفاظ عليه من الزوال والقرصنة...
وتعد تجربة الأنشطة الافتراضية التي ألزمها الظرف الصحي، مناسبة قيّمة أخرج خلالها الحديث عن التراث من القاعات المغلقة ومن المجموعات المهتمة المتخصصة إلى العموم... وعرف شهر التراث نوعا من الانتعاش أكثر مما كان عليه في السنين السابقة. لكن هذه المبادرة الطيبة تحتاج أن تخرج من المناسباتية من خلال التفكير في سبل تقنية معاصرة ناجعة ترد للتراث اعتباره وتجعل منه نواة لاستثمار سياحي ثقافي يعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني، ويساعد في الترويج لوجهة الجزائر، إلى جانب الحرص على أن تتواصل عمليات التدوين والتعريف به طوال أيام السنة، باستعمال التكنولوجيات الحديثة حتى لا يقال إن تراثنا انتعش فقط في زمن كورونا.