يشهد المشهد الثقافي في الجزائر في ظل وباء فيروس كورونا، انتعاشا منقطع النظير على الافتراضي، ساهم بشكل ملحوظ في التعريف بالكثير من الأعمال المسرحية والأدبية والفنية، التي لطالما كانت متاحة سوى لجمهور معين ولمن أنصفه الحظ بالعيش في كبريات المدن وسمحت له ظروفه المادية بارتياد المسارح ودور السينما وكذا حضور الملتقيات والمهرجانات.
إن تأقلم النخبة والمؤسسات الثقافية مع أوضاع الحجر الصحي، ومواكبتهم موجة النشاط عبر المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي، فتح المجال واسعا على الاستعمال الصحيح للأنترنت وتوظيفه لتقريب المواطن عامة وسكان الجزائر العميقة خاصة من الثقافة ومن صناعها... وشهدنا منذ الإعلان عن تجميد الفعل الثقافي ميدانيا، زخما للعروض في شتى المجالات والنقاشات القيمة وبرامج الأطفال وإطلاق مسابقات لإبراز مختلف المواهب وتشجيعها...
وبينت التجربة التي فرضتها الأزمة الصحية التي يعاني منها العالم أجمع، أنه بالإمكان الخروج بالثقافة وبسهولة من الدروب الضيقة وتمكين المواطن الجزائري من حقه الدستوري فيها...
إن المرحلة القادمة، أي بعد أن تنجلي مخاطر كوفيد.19، تستدعي تقييما جديا للتجربة افتراضيا، وإعادة ترتيب الأولويات في بيت الثقافة، وكذا إعادة النظر في شؤون المثقفين والفنانين وفي الأنشطة الأدبية والفنية التي يحتاجها المواطن ويتطلع إليها، وكيفية إنتاج عروض مسرحية وأفلام سينمائية وتنظيم حفلات وملتقيات ومهرجانات وتقديمها للجمهور على أوسع نطاق، خاصة إلى الفئة التي اكتشفت إمكانية المشاركة في المشهد الثقافي، من خلال تتبعها لما تعرضه حاليا وزارة الثقافة ومؤسساتها وكذا ما يقدمه الفنانون والمثقفون عبر الانترنت...
فمن الجميل أن نعيد الحسابات في المشهد الثقافي دون أن نقطع سبل الوصال بين الفنان وجمهوره وبين الأديب وقرائه. هذا الوصال الذي أوجدته إلزامية الحجر الصحي للوقاية من الوباء القاتل.