في الوقت الذي تبحث فيه الدول عن مخارج سريعة للتخلص من عدو مشترك، عدو لا يعترف بالجنس ولا بالعرق، ولا بالديانة ولا بالتاريخ، عدو داهم الجغرافيا برمتها فحولها في رمشة عين الى محرقة تعد أمواتها بمئات الالاف، دون ان تسعهم المقابر ولا المحارق، ولا ثلاجات حفظ الجثث.
«كوفيد 19».. حوّل الكرة الارضية الى فضاء هيتشكوكي، فيه من الرعب والخوف ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، كأنها اهوال القيامة قد أنذرت أجراسها، وكل وطن في منأى عن الاخر، ليبقى الفيروس الفاعل الرئيس فوق خشبة التاريخ يواصل عرضه الإبادي، دون أدنى مقاومة من أية قوة او أي طرف.
في عز الازمة الإنسانية الخانقة، لا تزال الدعوات العنصرية وراء الضفة تسبح عكس التيار وهاهي دعوة رئيس وحدة العناية المركزة بمستشفى كوشين بباريس «جون بول ميرا»،حول تجريب لقاح « بي سي جي « على الافارقة للتأكد من نجاعته ومدى تقبل المصاب ذلك الترياق، إنما هي تصريحات نابية غير إنسانية ولا أخلاقية، ولا تصنف إلا في خانة الدعوات الإثنية والعرقية بكل الأوصاف.
نظرة بعض الاوساط الحاقدة في الغرب عامة وبفرنسا خاصة إلى أفريقيا، لا تزال تحمل مرجعية استعمارية حاقدة لنهب خيرات وتجويع سكان القارة السمراء، واستعمالهم كفئران تجارب في المخابر، وهذا ليس له اي تفسير، سوى انه لا تزال تلك الاطراف تحتفظ في مخيلتها الاستعمارية بذلك الوجه القمطرير، تجاه شعوب تتوق بعد استرجاع الحرية بالدم والتضحيات إلى الرفاهية والعيش الكريم، بل التخلص من التبعية التي كشفت حقيقتها في ساعة العسرة.
تصريحات ليست بالغريبة ولا بالبعيدة فمنذ يومين خرج الزنديق غيلاس، ليصب جام غضبه وحقده على الجزائر، وتناقلت قناة اعلامية معروفة بسمومها تصريحاته، دون ان تكلف هذه الاخيرة نفسها بالاعتذار، وهي بذلك لا تقل شأنا عن توأمتها حيث ظهر هذا الطبيب عفوا المتعجرف.
وتجر الحادثة الى ما حدث لجريدة « شارل ايبدو « حينما انضمت بعض الاصوات النشاز من المرتزقة، وخرجوا في وسائل التواصل الاجتماعي، ينشرون تضامنهم بعبارات «جو – سوي - شارلي «، « جو – سوي - باريس «، الوقت مناسب لكم لتكونوا فئران تجارب مخابر العنصرية، فهي تحتاجكم اليوم أكثر من اي وقت مضى، وعوض ان تكلف نفسها بالتنقل الى افريقيا كونوا لها في الضيق خير وفي.