«فرانس-24» ومخلوق برشلونة

السعيد فريحة
31 مارس 2020

مؤسف أن تخرج القناة الفرنسية العمومية «فرانس-٢٤» من «جلدها» وتنحرف عما تبقى لديها من احترافية ومن مصداقية، في زمن رعب عالمي يستلزم تجندا دوليا وأمميا واسعا للقضاء على وباء كورونا.
القناة، تواصل انحرافها، منذ أسابيع، لتقضي على أبجديات العمل الصحفي: «الخبر مقدس والتعليق حر».
«فرانس-٢٤»، تجيد اختيار متدخليها بدقة متناهية، بما يخدم الغرض الذي يراد تحقيقه أو الهدف الذي يراد زعزعته. في الحقيقة جزء من الإعلام الفرنسي متعود على فن المغالطة أكثر من فن الصحافة، منذ سنوات الإرهاب، سيما إذا تعلق الأمر بالجزائر.
في سنوات الجمر والجنون، قبل أن ينقلب السحر على رؤوس الفتنة والمدربين والممولين ويفلت الإرهاب من الحدود التي وضع لها أصلا في البداية، ليصبح ظاهرة عالمية إلتهمت قلب باريس، وناطحات السحاب في نيويورك، كانت وسائل إعلام فرنسية مسموعة ومكتوبة ومرئية، تروج لأغنية «من يقتل من؟» في الجزائر، قبل أن تكتوي بجحيم إرهاب عالمي لم يترك شبرا من الأرض أو بلدا من القارات.
«فرانس-٢٤». تعيد نفس الأخطاء وتكرر نفس الإنحرافات، وسوء تقدير العواقب في «زمن كورونا».
أكثر من ٢٠٠ دولة مسكونة برعب كورونا، لكن «فرانس-٢٤»، لم تر الحجر الصحي في شوارع باريس، بل الإنفلات الصحي في فرنسا التي ألغت حتى فضاء شنغن، وهجرت الاتحاد الأوروبي بمجرد خطاب لماكرون من أجل إنقاذ فرنسا، ولتذهب إيطاليا، وإسبانيا والإتحاد الأوروبي في هذا السياق إلى الجحيم بعد ذلك.
«فرانس-٢٤»، لم تشغل برامجها سوى بما يحدث في الجزائر، كيف يوزع الدواء والسميد وأعواد الكبريت والبطاطا..!؟
القناة استضافت «مخلوقا» وفق مقاييس محددة، على عادتها، من أصول جزائرية كان سؤالها حول: كيف تعاملت حكومات المغرب العربي (تونس، الجزائر والمغرب) مع كورونا؟
«المخلوق» الذي يعيش بين عواصم التكفل والتواطؤ، تدخل على المباشر من إسبانيا لينفث سمومه المألوفة ضد الجزائر!؟
السؤال حول كورونا، لكن المتدخل الذي يعرف كل شيء، حتى ليلة نزول المسيح وآدم وحواء وقصة التفاحة ولونها وشكلها ويعرف حتى ما في باطن الأرض وفي غياهب السماء، ترك موضوع السؤال وراح يتحدث عن الانتخابات ونسبة المشاركة.. وعن وجهة المساعدات الصينية، إلى درجة أن منشط القناة شعر بالخجل، لأن افتراءات «المخلوق» بحجم فاضح لا يمكن تمريرها أو تقبلها من أبسط مستمع.
هذا «المخلوق» مألوف عند الجزائريين، على غرار أمثاله من المسترزقين في بلاتوهات فضائيات التواطؤ...
مؤسف أن تنحرف قناة عمومية ووسيلة تأثير إعلامي للدبلوماسية الفرنسية، إلى هذه الدرجة من أجل «أجندة» محددة الأهداف مسبقا، في وقت يعيش العالم بأسره رعب كورونا.
نحن نتفهم خلفية لفت الأنظار عن معاناة الفرنسيين، لكن ما لا نتفهمه هو أن يبلغ مدى الانحراف إلى درجة القفز على أخلاقية المهنة!
ما عدا الانحراف المهني، لا يهمنا تدخل مخلوف برشلونة...
لأن تصريحاته كالفقاقيع تذروها رياح الحقيقة بمجرد أن تهب... ولأن «حركى الإعلام» لم يعد لهم تأثير على وعي الجزائريين وتضامنهم التلقائي والواسع.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024