نحن امام مصير مجهولة عواقبه، لم نجد امامنا في غير الاطباء، نشد على آزرهم، ونتوسل اليهم، كي يمنحونا، ذلك الامل البسيط في الشفاء، وليس التعافي، يكفي الخروج من دائرة الخطر وتخطي عتبة الموت الذي ينتظر كل واحد منا على مشارف المكان، الاطباء، ومن شملتهم المهنة وحدهم في الخطوط الامامية لمحاربة الفيروس، وتوقيف حياته العابرة للقارات والزمان، وحدهم «الملائكة» يصدقون في عملهم وهم ينقذون الارواح من فيروسات سامة، لا تحمل في خلايا ادنى قيم الانسانية... وحدهم يواجهون الخطر المحتوم بصدور عارية، لكنها قوية برجال الامن ومختلف الاسلاك الواقفة في الميدان لمنع انتشاره، تمنحهم جرعات الطمأنينة وقوة العزيمة.
ننتظر منهم ان النظر الينا بعين الرأفة وهم «الملائكة» في ديرهم يعالجون المرضى ومن هم على فراش الموت، دون خوف ولا تردد في أداء المهنة النبيلة كما يجب، في لحظة الموت التي قد تصيب اي كان، فيأتي السؤال لماذا لم يرفع الذين أتوا العلم درجات ؟، لماذا لم يكن الطبيب سيدا وحصورا ؟ لماذا اجبر الطبيب على تقاضي اجرة زهيدة لا تكفي شراء دوريات للأبحاث ؟ اواصدارات جديدة تتعلق بالطب والعلاج ؟.
لماذا جعل من لاعب كرة القدم اسطورة خالية، يتقاضى ميزانية كاملة، وقزم الطبيب الى درجة انه يقتات في ساعات الفراغ، بين مستشفيات الخاصة وعيادات ليسابق الحياة علّه يظفر بما يليق به، كباحث في الطب والعلوم.
في خضم هذه الازمة الانسانية المرعبة والخطيرة الاستثنائية، هل بإلامكان الاستنجاد بجماهير الملاعب في ظل «غياب الوعي «، أم الاستنجاد بلاعب كرة قدم ليمنح للمواطنين فنياته الميدانية لمراوغة (كوفيد- 19 )؟ وماذا لوان المنظومة السياسية ساهمت في منح هذه الشريحة حقها، ورافقت أسرة البحث العلمي في انجاز المذكرات الطبية، ومنحهم الامكانيات المادية، هل سيكون الحال كما هواليوم ؟ الطبيب يواجه الموت بصدر عار، ولاعب كرة القدم يتوارى عن الانظار في بيوت مشيدة يقيم فيها الحرس.
اليوم نعيش مفترقا أزليا ساقته الاقدار ليس للجزائر وحدها، بل المعمورة كلها، ولكن حالنا ينذر بالشؤم، يتطلب اعادة النظر في بناء الوعي والقيم، مع تمكين الطاقات الجادة والباحثة عن شمس الحقيقة، لمنحها المكانة التي تستحق كأحد الفواعل الاساسية في المعادلة الاجتماعية والأمنية.
فيروس « كورونا « لا يهدد الصحة والإنسان فقط، بل يهدد الامن القومي كمنظومة شاملة، عند العجز على مواجهة خطر يداهمنا، يعبر الحدود دون تأشيرة، ولن تنفع أمامه «أرمادة» من الذخيرة، وكل ما ينفع هوتلك القيم التي تزرع في عقول النخب من أطباء وباحثين بالخصوص.