يصادف المار عبر شوارع بلدية الجزائر الوسطى مركبة تتحرك بوتيرة بطيئة تطلق عبر مكبر صوت مزدوج نداءات تتضمن توجيهات وإرشادات للوقاية من فيروس كورونا، حرصا على سلامة السكان والوافدين إلى عاصمة البلاد.
المركبة مجهزة بلوحة إعلان من الحجم الكبير يحمل سلسلة تعليمات سطرتها وزارة الصحة والسكان تشرح للمواطنين مختلف جوانب التعامل الوقائي مع الوباء المعدي أبرزها إرشادات مكتوبة تشرح طريقة غسل اليدين أكثر من مرة والامتناع الإرادي عن المصافحة والتقبيل مع أي كان واستعمال الأقنعة الواقية للاحتراز من الفيروس القاتل.
هذا الأسلوب العملي في التواصل الجواري مع السكان والعابرين للمدينة في ظل تهديدات «كورونا» يساهم في نشر الوعي بين المواطنين والعائلات من مختلف الشرائح والرفع من مستوى التحسيس بدرجة الخطر الذي يحمله الفيروس خاصة وأنه أصاب العالم برمته، متحديا الحواجز، الحدود والتكنولوجيا.
حقيقة أن الوقاية تتطلب وسائل وتجهيزات من مواد تنظيف ومعقمات بعضها نادر في السوق اليوم والبعض الآخر محل مضاربة من مافيا الأزمات، غير أن محرّك الوقاية في كل الحالات هو الاتصال بشتى الطرق والأساليب كما هو الحال ببلدية الجزائر الوسطى.
نهار أمس، كان مشهودا في حياة هذه المدينة حيث تراجعت وتيرة الحركة واختفت تلك الأعداد الهائلة من البشر استجابة للتحذيرات التي وجهتها السلطات العمومية على كافة المستويات لتفادي انتشار العدوى وتأمين صحة وسلامة المواطنين حتى لا تكون الكلفة باهظة خاصة وأن العالم كله يشكو قلة الوسائل الوقائية فما بالك بتلك العلاجية.
للأسف لا تزال بلديات أخرى في العاصمة متأخرة عن الركب ولا تكاد ترى مبادرة جدية، ما عدا قيام بعضها بتخصيص شاحنات لرش الأماكن العامة وبعض الأحياء دون توسيع نطاق العملية الوقائية تجاه السكان خاصة في المواقع المهمشة أو مناطق الظل التي سبق لوالي العاصمة، يوسف شرفة، أن كشف عن رصد 299 منطقة ظل في 34 بلدية، وهو رقم مفزع لا يليق بعاصمة البلاد.
سؤال، بعد كل هذا الهلع والهرج والمرج الذي ولده كورونا، هل يوجد أمل في أن تحيا ضمائر بعض المسؤولين عن الشأن العام باستخلاص العبر وعدم انتظار حلول كوارث للتحرك في تحمل المسؤوليات، في زمن أدخل فيه كورونا معايير الجدية، وهو امتحان ما بعده امتحان لهؤلاء.