تجد الإشاعة مرتعا خصبا في الظرف الحالي جراء القابلية النفسية الحاضرة بشكل غير مسبوق في أوساط الجمهور «المتسمّر» أمام هاتفه النقال عبر مواقع التواصل الإجتماعي في انتظار سقوط أخبار الإثارة من هنا وهناك أو البحث عن مصادر أخرى للمعلومة.
في هذا الإطار، فإن القرارات المتعلقة بالأماكن المهدِّدة لصحة الإنسان حفاظا على سلامة جسده، يندرج في إطار حماية المجموعة الوطنية من كل أذى ولضمان إستمرارية أداء المرفق العمومي، إستثنت الجهات المسؤولة كلّ من له علاقة مباشرة بالخدمات اليومية الضرورية التي لا يمكن التخلي عنها، مهما كانت الأحوال.
وهكذا إستغرق المتتبعون لما يتداوله البعض عن احتمال غلق المؤسسات المالية، أي البنوك، شريان الحياة الإقتصادية ذات الصلة الوثيقة بالمواطن والشركات في التعاملات، خاصة ما تعلق بصب أجور العمال في وقتها والإستفادة منها في يومياته المعيشية مثلما هو الشأن بالنسبة لمكاتب البريد.
هذه المعلومات مجرد إشاعات صادرة عن جهات إعتادت بث الشك بين الأفراد والمتعاملين لسحب أموال هامة لإستنزاف قدرات تلك الكيانات وجعلها غير قادرة على تلبية طلبات الناس بحكم التهافت غير المنتظر عليها وكذلك عدم استعدادها لمواكبة مثل هذا الظرف.
وتنفي الجهات المعنية نفيا قاطعا غلق البنوك في ظرف كهذا وما يسمع هنا وهناك، لا يخرج عن نطاق الإشاعة المغرضة والدعاية المسمومة التي تعود تلقائيا في كل مرة يطرأ أي حادث في البلد ولا تنجو البنوك من مثل هذا الاستهداف المقصود حتى تقع تحت طائلة الإرباك والتشويش على القرار الصائب.
هؤلاء الذين تعودوا على الإصطياد في هذه المياه الراكدة، لا يتراجعون، حتى وإن تعلق الأمر بحالات إنسانية، بل ما يهمهم هو محاولة تخريب النظام المصرفي والتأثير المباشر في كيفية إدارته لوضع إستثنائي قصد حمله على الذهاب إلى خيارات معينة ينتظرها هؤلاء.
لذلك، فإن البنك المركزي، له تجربة في تسيير الأوضاع ذات الطابع الخاص، كونه واكب كل مسيرة الوطن، مرت عليه أحداث أكبر تكيَّف معها تكيفا كاملا .
من جهة أخرى، فإن البنوك إتخذت كل التدابير اللازمة للتكفل بكل الطلبات، لا تتفرج على الوضع أو تتهرب من مسؤوليتها، بل هي في خدمة المواطن، كما تشدد عليه دائما في رسالتها وهو الرد على كل أولئك الذين يبثون هذه الإشاعات ، رافضة ترك الفراغ للآخرين للحلول محلها في إلحاق الضرر بالدينار والعملة الصعبة.
لذلك، فإن على مسربي الإشاعات الكف عن هذا النشاط الخطير الذي يمس المؤسسات الجزائرية الصامدة في الوقت الراهن ، مؤدية عملها بالرغم من كل الضغوط، حتى تكون في مستوى ما يطمح إليه المواطن، من خدمات راقية في كنف السكينة والهدوء بعيدا عن أي تهويل يذكر.
وطبيعة الظرف غير العادي، ليس أبدا للتربص بالآخر أو التصعيد من وتيرة الأفعال المشينة التي يستغلها البعض من أجل أهداف غير مرئية تضر بالبلد، بل علينا قلب هذه المعادلة بإتجاه الإتحاد، التضامن والتماسك إلى غاية مرور هذا الوضع وتطبيعه.