كلمة العدد

لنحم وسطنا المعيشي

جمال أوكيلي
16 مارس 2020

تشدّد وزارة الصّحة والسكان وإصلاح المستشفيات على القواعد الأساسية المعمول بها في حالة ظهور العدوى لحماية المجموعات والأفراد من كل التداعيات الناجمة عن الأمراض المتوّلدة عن المحيط الذي نتعامل معه يوميا، الذي ما زال حقا في حاجة إلى عمل جبار يتطلب مقاربة أخرى قائمة على التحسيس خاصة في مثل هذه الظروف الاستثنائية.
وتبعا لذلك، فإننا سنتناول في ملف «محليات الشعب» رفقة مراسلينا في عينات من الولايات موضوع النظافة بمفهومها العام، الذي لا يقتصر على مطالبة الناس بالقيام بحركات معينة كغسل اليدين، واستعمال وسائل الوقاية، وعدم العطس على الآخر وغيره، بل نذهب إلى عمق الإشكال ألا وهو الوضعية الراهنة للوسط الذي نعيش فيه، هل هو نظيف حقا؟ ولا يسمح بأن يتعرض فيه الأشخاص إلى الأمراض أم أن هؤلاء مهدّدون في كل لحظة بإصابات نتيجة لهذا الوضع.
لسنا بصدد التهويل، بل  نوّد إثارة مسألة هشّة جديرة بأن تكون محل عناية من قبل السلطات العمومية وبخاصة الجماعات المحلية في التكفل بها تكفلا صارما بعيدا عن أي تهاون أو تخاذل حتى لا يكون وضعنا قابلا لأي طارئ، جرّاء ظهور حالات من العدوى لأسباب لا تعد ولا تحصى لا نلتزم بالوقاية، إلا بعد أن تقع الواقعة، ثم نهرول في كل الاتجاهات للأسف هذا حلنا.
النظافة اليوم لا تعني رفع النفايات والقضاء على المفرغات العشوائية، والمكبات الفوضوية بل أن هناك تبعات قد لا نعيرها الاهتمام اللائق عماراتنا غير نظيفة، الغبار والأكياس السوداء (بقايا المنازل، والخبز) في كل الزوايا، المياه الراكدة في الطوابق السفلى، الأسطح مليئة بالخردوات القديمة، أغلبها لا توجد فيها منظفة تقوم بالقضاء على مخلفات الأسبوع، وإن وجدت تستعمل المياه فقط دون المواد المطهرة (جافيل وغيرها) يضاف إلى كل هذا انتشار أسراب من الذباب، البعوض، الفئران والصراصير وغيرها هذا ما نقف عليه يوميا في أحيائنا.
ما نورده في هذا المقام، لا يعني أبدا بأن ليس هناك عملا موجها إلى تنقية الشوارع والفضاءات والمساحات من كل المظاهر السلبية التي أضرت بالإنسان ومحيطه، بل يسجل مجهود مضن على أكثر من صعيد لكنه يبقى غير كاف إلى حد الآن من ناحية المتابعة.
وعليه، فإن مكاتب الوقاية على مستوى البلديات ومصالح النظافة تحتاج إلى مراجعة طرق عملها، وهذا بتفادي أولا النشاط المكتبي الجامد، وثانيا الخروج إلى الميدان لمعاينة مجريات الواقع ومرافقة الأوضاع المشبوهة الناتجة، عما يحدث في مدننا من الممارسات سالفة الذكر.. وخروج الشاحنات المحمّلة بالمياه لرش الأحياء وبعض النقاط السوداء هنا وهناك، لا يكلف شيئا هذا العمل كان موجودا فيما سبق، كل صباح وقبل خروج الناس للالتحاق بأشغالهم تنظف الطرقات والأرصفة بالمياه سواء العادية أو المأخوذة من البحر.
لم تعد هناك مثل هذه العمليات ناهيك عما يجري في التجمعات السكانية بالريف إذ ما زال أصحاب المنازل يستعملون ما يسمى بالمطامر أو الترسيبات لإزالة مياه الصرف المستعملة زيادة عن تلك الراكدة والملوثة التي تتسبب في الأمراض المتنقلة عبر المياه وما يصدر عنها من حشرات خطيرة.
لذلك فمن الضروري العودة إلى تلك الشروط الصارمة في نظافة المحيط لنعيش فيه، ليس بتحميل المسؤولية لجهة معينة بل حتى أن الجماعات المحلية لها ضلع فيما يقع من أمراض معدية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024