حالة الاستخفاف التي تعامل بها الجزائري مع فيروس كورونا تعكس واقعا مرا أساسه غياب ثقافة صحية لدى المواطن الجزائري الذي حصر الوباء العالمي بين دعوة مستجابة و «قطعه» ببركة الأولياء الصالحين، بل تجاوز البعض حدود العقل بإعلان طريقة مستحدثة لعلاج «كورونا» روحيا، المشكل أن بيع الوهم والتفكير الخرافي هو السائد ولعل صورة ذاك الذي علق بصلا وثوما على وجهه صورة حقيقة لعقلية تجاوزت حدود الجهل والإستغباء إلى درجة أنه حصر الفيروس العالمي في معادلة ضيقة اسمها «مؤامرة لوقف الحراك».
هو تبلُد تام وكامل استوفى شروط الحجر العقلي وإعلان عدم أهلية البعض، فعندما نقرأ على مواقع التواصل الاجتماعي «علاج كورونا بالقرآن للعلاج « وخطبة جمعة في أحد المساجد موضوعها علاج كورونا والأمراض المعدية روحيا فهذا يفوق قدرة أي عاقل على استيعاب درجة التبلد تلك، والغريب أن الجميع مستمتع بكل النكت التي كان بطلها الأول فيروس كورونا.
الغريب أننا كمجتمع لم نستطع إعلان حالة الطوارئ على المستوى الشخصي فكثير منا ما زال يمارس نفس العادات اليومية كالمصافحة، تبادل القبلات والعناق رغم تأكيد الأطباء أنها من أهم مسببات العدوى ، لكن خوفا من عدم تفهم الآخر وبسبب الاستخفاف بقوة عدوى هذا الفيروس لم يتمكن الجزائري من الانخراط في حملات التحسيس والتوعية، وعلى العكس تماما انخرطوا في إطلاق التعاليق.
الدعاء مطلوب لكن الوقاية بسلوكات يومية ضرورية لتفادي الاسوأ، وعدم الخروج إلى الأماكن العامة والتجمعات أيضا خطوة مهمة للتقليل من انتشار الفيروس، لكن الأمر المدهش هو خروج المواطنين يومي الجمعة والسبت غير مبالين بالتحذيرات العالمية من خطورة مثل تلك التجمعات ولعل الصورة التي تناقلتها مختلف مواقع التواصل الاجتماعي لمختلف عواصم العالم التي اجتمعت على خلوها من التجمعات إلا الجزائر.
أما الأصعب فهو استغلال التاجر للوباء لتحقيق الربح السريع في صورة لا إنسانية عميقة تستدعي دراسة اجتماعية ونفسية لها، علما أن الوباء لا يستثني أحدا ولا يضع التاجر خارج دائرة العدوى، أما أن ينادي منادٍ أن في الجلفة سيدة تقطع هذا الوباء وأنها بدأت في مداواته بالتبرك إلى الأولياء الصالحين وآخرون يُروجون لأدوية تشفي من كورونا مصنوعة من الأعشاب الطبيعية، أو أن تشاهد أشخاصا يصنفون هذا الفيروس أنفلونزا عادية صنعت منها وسائل الإعلام العالمية «بُعبُعا» عابرا للقارات فهذه هي الطامة الكبرى.