أمام التخوف القائم من اتساع رقعة فيروس كورونا بعد تسجيل 37حالة، يستدعي الظرف الاستثنائي ضرورة الوقوف على تأثيرات هذا الفيروس القاتل على الاقتصاد الوطني على المديين القريب والمتوسط، في ظل تهاوي أسعار برميل النفط إلى مستوى غير مسبوق، حيث بات استدراك الوضع الراهن الذي يصعب توقع نتائجه مستقبلا، يتطلب تحريك أدوات النمو من خلال إطلاق مبادرات تنموية، تستحدث مفاتيح النمو وتحرص في نفس الوقت على حسن استعمالها.
لا مفرّ في الوقت الحالي من حتمية التحوّل الاقتصادي الجذري الذي يتطلب العمل بجد وذكاء على أرض الواقع، والتوقف عن إطلاق سيل من الخطابات بعد التشبع المسجل بالكلام دون العمل، لأن الدولة حررت التوجهات وأعطت الضوء الأخضر للاستثمار وإنتاج القيمة المضافة، ودون شك لن يتجسد ذلك إلا بالخروج من مرحلة الصدمة والانتقال إلى مرحلة تجسيد البرامج وتبني الحلول الملائمة، لأن الخطاب البكائي صار من دون جدوى، بعد أن تحوّل إلى عائق كونه سيعمل على عرقلة مسار التنمية ويتسبب في تسجيل المزيد من التأخر في إنعاش المنظومة الاقتصادية، وعلى المتعاملين اليوم استغلال السوق المفتوح والمغري والاستفادة من مختلف التحفيزات المتاحة، من أجل تحويل الأزمة إلى أرضية صلبة للانطلاق نحو حركية اقتصادية، باتت لا تقبل المزيد من التأجيل.
مهما كانت الآثار المترتبة عن فيروس كورونا المعدي، أكيد أن الجزائر باستطاعتها تجاوز الوضع، لكن بالعمل والعزيمة لأن الآثار الاقتصادية ستظهر لاحقا أي بعد اختفاء الفيروس، ويجب أن يحضر إلى كل ذلك مسبقا، عبر استبدال الجمود والتردد بالسير نحو الابتكار وانتقاء الاستثمار في مجالات واعدة على غرار المجال الرقمي والتكنولوجي والصناعة الصيدلانية والالكترونية، وتعزيز الفلاحة المرتبطة بالصناعة الغذائية التي تملك فيها الجزائر تجربة رائدة أهّلتها للتواجد في أسواق خارجية عربية وإفريقية وحتى أوروبية. الآلة الإنتاجية وحدها يمكنها إحداث التوازن المفقود بين إيرادات النفط وإيرادت الاقتصاد الضعيفة، والبداية تكون بتغطية الطلب المحلي لكبح الاستيراد، ثم الانتقال بثقة وتنافسية أعلى للتموقع في أسواق خارجية، ونحتاج في ذلك إلى مسيرين أكفاء وأيادي نزيهة ومخلصة تصحّح المسار وتوّجه القاطرة نحو الأمام بخطى ثابتة.