أثبتت الجزائرية وفي كل مرة عبر مختلف المراحل وأغلب المواقع التي تواجدت فيها، بأنّها العنصر المحرك الذي يعطي ديناميكية وصلابة في الأداء، واليد النزيهة في تجسيد المشاريع بأمانة، وفوق كل ذلك تتمتّع بالكفاءة العالية التي يمكن الاعتماد عليها في تغيير معادلة الظرف الصعب إلى نقيضه، ولا يمكن تصوّر مسار تنموي حقيقي من دون مساهمة المرأة التي أثبتت في المنظومة الاقتصادية أنّها لا تقل مهارة وذكاء في التسيير الحكيم واستحداث القيمة المضافة، بل وكثيرا ما تنجح في تقديم الحلول للإشكاليات المعقّدة، وتتجاوز بعزيمة وإرادة قوية مراحل الضعف ومختلف المخاطر إلى برّ الأمان.
لم يعد مفاجئا أنّ الجزائرية نجحت إلى حدّ كبير في اقتحام الحياة التنموية، وتموقعت في الساحة الاقتصادية بثقة وبرؤية صحيحة، فلم يعد مجال المقاولاتية والتعدين أو البناء والأشغال العمومية الذي ظل إلى وقت طويل حكرا على الرجال وحدهم، بعيدا عن خياراتها لأنه صار في متناولها، فلا يخفى أنها تشارك على صعيد الانجاز، وتقدم في كل ذلك أداءات في المستوى، ينتظر فقط أن لا يشكّك في قدراتها ولا يستهان بالإضافات القادرة على تقديمها، وحتى تعامل تماما مثلما يعامل الرجل، حتى يتعاونا في مسار واحد لأن التحدي مشترك والتنمية الاقتصادية مسؤولية الجميع.
يجب أن ينظر إلى المرأة الريفية باهتمام أكبر، وتحظى بعناية مستمرة كونها مفتاح ومحرك التنمية المحلية التي تبدأ من قطاعات حيوية وأصيلة في صدارتها الفلاحة والصناعة الغذائية والصناعة التقليدية، بل المرأة الريفية ينتظرها دور كبير وتوجد على عاتقها مهمة حساسة، بالنظر إلى قدرتها على المشاركة في تحقيق الأمن الغذائي، ومحو آثار الفقر والتهميش والحاجة عن المناطق النائية، لذا لا يجب التركيز على دعم المرأة في المدن الكبرى وحدها، بل الاهتمام والتوجيه ينبغي أن يشمل ويصل إلى الجميع، في إطار مبدأ تكافؤ الفرص والتمكين الاقتصادي لكل من لديها الإرادة على العمل واقتحام المجال الاقتصادي بمشاريع واعدة و منتجة.
في وقت صارت النهضة التنموية تحديا ملموسا، ورهانا واقعيا وضرورة مستعجلة لا تقبل التأجيل، يمكن الاعتماد على المرأة وجعلها في قلب التحول المنشود من أجل تغيير حقيقي للأداء الاقتصادي. لا يمكن للتنمية أن تتجسّد من دون سواعد المرأة وخبرتها ورؤيتها.