كانت الرياضة ولا تزال من أهم الأدوات الناعمة في كفاح الشعوب سلميا من أجل إسماع صوتها ورفع مطالبها، ولنا نحن في الجزائر تجارب في مسار تحررنا الوطني لعب فيه رياضيون أدوارا بطولية كبيرة كانت لها دلالات وأصداء سياسية هزّت كيان الإدارة الاستعمارية حينها، كيف لا والكثير من الرياضيين الجزائريين الذين كانوا يتنافسون تحت الألوان الاستعمارية الفرنسية مجبرين، أخذوا ينسحبون سرا وعلانية من الفرق ومن المنافسات الرياضية الفرنسية والدولية مما سبب حينها إحراجا كبيرا للإدارة الاستعمارية لم يقل وقعه عن الأسلحة والدبلوماسية، لقد ساهمت مواقف هؤلاء الايقونات الرياضية بشكل كبير في تدويل القضية الجزائرية وإسماع صوت الشعب الجزائري بل وفي تقويض أكذوبة «الجزائر فرنسية».
لم تنفرد الجزائر المكافحة بالاعتماد على الرياضة كجبهة نضال سلمي والاعتماد عليها في الكفاح التحرري، فالكثير من الدول الإفريقية اعتمدت هي الأخرى على الرياضة والتاريخ يروي لنا قصة أيقونات رياضية جزائرية وافريقية ساهمت في قلب الطاولة على الاستعمار وأكاذيبه وفضحته أمام العالم الذي استيقظ على حقائق كان يجهلها البعض ويتجاهلها البعض الآخر وهو أن تلك الشعوب الإفريقية لم تكن لا فرنسية ولا بلجيكية ولا بريطانية ولم ترض أبدا بأن تكون كذلك ولكنه واقع فرض عليها دون استشارتها ولا رضاها؟ والشعب الجزائري مثال حي على ذلك لأنه وبعد 132 من احتلال استيطاني توسعي لم تتمكن كل سياسات المسخ الاستعمارية في جعله فرنسيا ولو من الدرجة الثانية لأن هذا الأخير كان يعتبر أسلافنا مجرد «انديجينا» أهالي وسنّ قانونا خاصا بهم ؟.
الشعب الصحراوي يخوض نفس المعركة من خلال بعض التظاهرات الرياضية مثل «الماراطون» الأخير ولكن يبدو أن الحضور الرياضي الصحراوي لا يزال محتشما على الصعيدين القاري والدولي وإن كان هذا شأن يخص الشعب الصحراوي وحده لأنه هو من يحدّد أدوات كفاحه السلمي ولكن هذا لا يمنع أن هناك الكثير من الملاحظين للشأن الصحراوي والمناضلين من أجل القضية الصحراوية، أنه يجب أن تحظى الرياضة بقسط أكبر من الاهتمام والتشجيع لأن الكفاح السلمي من أجل الحرية وتقرير المصير هو جبهات متعددة تتكامل فيما بينها من أجل أداء نفس الرسالة.