يبدو أننا لم نعط المرود الأهم حقه، انصب الاهتمام على كل شيء ، استوردنا المصانع الجاهزة والآلات والحافلات من أجود الماركات العالمية ولم ننتبه أن كل ذلك لا معنى له بدون الإنسان، الذي يمكنه أن يستغل ذلك ويستثمر فيه ويطوّره إلى الأحسن لهذا لم نصل إلى ذلك – للأسف- ؟ بل على العكس، فبدل أن يكون هذا الإنسان كذلك ويجعل من الحافلة التي يقودها أكبر من مجرد وسيلة للنقل ولكن فضاء للراحة والطمأنينة نجده حوّل متعة السفر والتنقّل إلى كابوس مرعب ؟
يوم أمس ونحن نناقش بمنتدى، جريدة الشعب، كيفية التقليل من إرهاب الطرقات، قال أحد المتدخلين، إن بعض سائقي الحافلات يطلبون من أصحابها الاكتفاء بخدماته دون اللّجوء إلى سائق آخر يساعده في قطع المسافات الطويلة ليستفيد من مرتبين بدل واحد ؟ أي بمعنى آخر يحرم شخصا آخر من الحصول على دخل يسد حاجاته ويعيل أسرته والأكثر من ذلك يعرّض نفسه والآخرين إلى خطر موت مؤكّد من أجل الظفر بدراهم معدودات قد يموت دونها و يا «روح ما بعدك روح» ؟ المؤسف أن بعض ملاك الحافلات يجارونهم لكي لا يضطروا إلى زيادة أجرة سائقه وغيرها من الحسابات الضيّقة التي قد يخسر معها الجمل بما حمل، يعني الحافلة والسائق والمسافرين ؟
لقد حان الوقت لكي نعطي الإنسان حقه من الاهتمام، لأنه لا يمكن لا لحملات التحسيس ولا لموجات الردع أن تؤتي أكلها، إن لم يكن الإنسان في صميمها، هذا الأخير يجب أن نفهمه أن الردع والعقوبة ليست موجهّة لشخصه ولا انتقاما منه ولكن لتصرّف ارتكبه بالدرجة الأولى، بمعنى آخر نعلّم هذا الإنسان قيمة وتكلفة كل تصرف يقوم به، حينها سيقتنع ويفكر ألف مرة قبل أن يقدم على أي شيء، بهذا يصبح القمع و وسائل الرقابة الأخرى تشكّل الاستثناء وليس القاعدة دون أن يعني ذلك التخلّي عنهما، لأنهما حلقة مهمة في المساعدة على تصحيح السلوكات و ردع الانحرافات وكما جاء في الأثر «يزع الله بالسلطان ما لا يزع بالقرآن».