فرصة جديدة تنفتح أمام الجزائر لاسترجاع مكانتها الاقتصادية، التي تستحق تبوأها في ظرف حسّاس ومنعرج مصيري، ستكون فيه الكلمة الأولى والأخيرة، للرئيس الجديد، الذي ينتظر منه الكثير من أجل طي صفحة بطء الأداء وإخفاق الخطط التنموية السابقة، وتجاوز الفساد الذي كان مستشريا، ومحو الاستغلال الضعيف للمقدرات المتاحة البشرية والطبيعية والباطنية.
فعلا المرحلة الحالية تحتاج إلى قرارات جريئة، كما تحتاج في نفس الوقت إلى اختيار الوجهة الصائبة، لتقويم الوضع الراهن وإطلاق إصلاحات تفضي إلى التغيير الجذري والحقيقي، كون نجاعة الاقتصاد مفتاح التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وينتظر من الرئيس الذي يقود البلاد خلال الخمس سنوات المقبلة، أن يسند مهمة بعث الحياة الاقتصادية إلى الكفاءات النزيهة، ويضع الثقة في المسيرين القادرين على تحمل المسؤولية، وإحداث التغيير الايجابي المنشود.
يواجه الرئيس الجديد أكثر من تحدي في الحياة الاقتصادية، وإن كان بعث التنمية بمعايير الجودة، يوجد في قلب الرهانات الحالية، لذا إعادة الاعتبار للمنظومة الاقتصادية، تبدأ من تكريس مبدأ الشفافية على جميع المستويات، والانطلاق يكون وفق إستراتجية قائمة على الاستشراف وخاضعة للرقابة الدقيقة والتقويم الفصلي المستمر، والمتابعة للتجسيد الفعلي للبرامج على أرض الواقع، من أجل التحرّر من أي تأثير بيروقراطي سلبي للإدارة قد يعرقل الجهود التنموية، ويتسبب في إهدار الأموال العمومية، أو يغلق الأبواب والفرص في وجه المستثمرين الحقيقيين الحاملين للمشاريع الجادة.
المفتاح والقرار الذي سيغيّر الجزائر إلى الأفضل، بيد الرئيس الجديد الذي يوجد أمام فرصة أخرى، لتنعم الجزائر بتنمية ورخاء، إذا اليوم نقبل على مرحلة تتطلّب إرساء مبدأ تكافؤ الفرص، الذي يتطلّع إليه جميع الجزائريين، إلى عدالة ومساواة في التشغيل والاستثمار وفي تطبيق القانون، إلى توازن جهوي وتنمية وطنية شاملة، لا تقتصر على المناطق الشمالية بل تمس كذلك منطقتي الهضاب والجنوب، تتطلب المرحلة القطيعة مع المحسوبية والجهوية والمصالح الضيقة للأشخاص واللوبيات، إلى تطهير الذهنيات من السلوكيات السلبية، التي تؤثر على الأداء، وتتجاهل القوى الفاعلة في الابتكار والإبداع، القوى القادرة على قلب الموازين وتحقيق إنعاش مستديم للآلة الإنتاجية. ينتظر من الرئيس الجديد أن يمد يده للجميع ويعمل مع الجميع والهدف خدمة وبناء الجزائر بتفان وإخلاص.