الإرادة الشّعبيّة

جمال أوكيلي
13 ديسمبر 2019

خرج الشّعب الجزائري منتصرا من امتحان سياسي عسير بالتّوافد «التّاريخي»، والإقبال القياسي على صناديق الاقتراع كردّ صاعق على كل أولئك الذين أرادوا توقيف مسيرة الوطن، ومحاولة إدخاله في متاهات هو في غنًى عنها، وسئم منها نظرا لتداعياتها على نعمة الإستقرار.
مرّة أخرى، يلقّن هذا الشّعب الأبيّ درسا قويّا لمن اعتقد أنّ الجزائر مختزلة في البريد المركزي، أودان، أول ماي وحسيبة بن بوعلي لكبح جماح وطن أكبر من هذه الممرّات العاصمية، لا يستطيع من ركب موجة التّشويش أن يؤثّر ولو أقام الدّنيا ولم يقعدها على مجرى الإرادة الشّعبية، الرّاغبة في الذّهاب إلى آفاق رحبة أخرى.
هكذا أسقط الجزائريّون الأحرار والشّرفاء كل الخيارات المسمومة، التي رفعها محترفو السياسة من مرحلة انتقالية وفرض الحلول المؤقّتة، وطرح أشخاص بإيعاز من الخارج، ومحاولة تدويل ما يجري عندنا لدى جهات أجنبية، وإلغاء المؤسّسات العاملة والقائمة بمعنى تصحيح الوضع.
هذا التّشخيص الأوّلي يبيّـن مدى حجم المؤامرة الكبرى لتركيع الجزائر باسم شعارات هدّامة مغرضة ودنيئة من صنع مخابر معروفة، وامتداداتها في الدّاخل عن طريق أناس منذ أحداث أكتوبر ١٩٨٨ إلى غاية يومنا هذا، يعودون في شكل «التاتة» التي تغيّر ألوانها حسب لون المكان المتواجدة به، وحاليا ينشطون باسم الحراك.
ما حدث يوم ١٢ ديسمبر ٢٠١٩ رسالة غير مسبوقة لكل هؤلاء على أن يحتكموا إلى ضمائرهم، ويعترفوا بأنّ الجزائر هزمتهم كسلوك حضاري راق، تعبيرا عمّا يدعون به بأنّهم ديمقراطيّون ويرجعون إلى قراءة الأرقام الموجودة أمامهم، لقد انتهى ما كانوا يردّدونه بخصوص التزوير، وما يتبع ذلك من حملات شرسة على الجزائر.
فالشّرعية لا تمنح في الحراك، وإنما مصدرها الصّندوق ومن يريد إنقاص هذه الصّفة على الفائز، إنما هو على خطأ فادح هو تطبيق كامل للمادّتين ٧ و٨ من الدستور حول السيادة الشّعبية، التي لا تمارس إلاّ عن طريق الانتخابات ولا شيء آخر.
دعاة «اللاّحل» منوا بهزيمة نكراء، وعليهم احترام رأي الشّعب وتقديم قراره تقديرا تامّا غير منقوص بالكف عن التّشكيك قرابة ١٠ أشهر، وخطابات التّعقّل تدعوهم إلى التّحلي بالتّفهم العميق لما يتربّص بالوطن داخليا وخارجيا، ومحاولة البعض إدخالنا في أزمة معقّدة لا بداية ولا نهاية لها في حالة ابتعادنا عن الحل الدستوري، وتوجّهنا إلى تصوّرات أخرى هشّة لا تستند إلى أي مرجعية محل الإجماع ستتلاشى، إن عاجلا أم آجلا، إذا ما استندنا إليها، كون قاعدتها لا تصلح لمعالجة حالات ذات الأبعاد الدستورية، خاصة إذا تعلّق الأمر بمنصب رئيس الجمهورية، في هذه الوضعية ليس هناك مخرج ماعدا اتّباع ما ورد في الدّستور، أما المرحلة الإنتقالية فهي الفوضى بعينها، اللاّإستقرار والمؤقّت يؤدّي بنا ــ لا قدّر الله ــ إلى ما لا يحمد عقباه، هذا ما لم يرغب البعض فهمه.
اليوم، هناك رئيس جديد، كل الملفات التي ما تزال عالقة سيفصل فيها رويدا رويدا مع كل الجزائريّين، حتى الذين هم متواجدون في أطر أخرى كالحراك وفق رؤية سديدة تخدم الاستقرار أولا وليس مسائل أخرى.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024