المجتمـع المـدني.. سيـف ذو حــدين

حبيبة غريب
30 نوفمبر 2019

 تعتمد كل الدول في بنائها وتسير أمور مواطنيها على مساهمة المجتمع المدني بكل أطيافه الفكرية والاجتماعية والثقافية والخيرية والرياضية في خلق التوازن بين السلطة وصناع القرار وبين المواطنين، مشكلا بذلك همزة الوصل أو قناة التواصل بين الحكومة والشعب يستعان به في عمليات التوعية والتحسيس والمساندة في مشاريع تمرير القرارات التي من شأنها أن تخدم الصالح العام وتصبو إلى توفير الرفاهية والازدهار وتحسين ظروف المعيشة اليومية.
كما يعد المجتمع المدني بمثابة الشريك الاجتماعي للمؤسسات الحكومية والاقتصادية والثقافية للبلاد، مهمته متابعة المجريات والدفاع عن حق المواطن، لكن قبلها الدفاع عن الوحدة  والهوية والمرجعية الوطنية أمام كل المحاولات الداخلية أو الخارجية الرامية إلى زعزعة الاستقرار أو المساس بضوابط الأمة الجزائرية، تاريخها وثقافتها.
 ومع ما تعيشه الجزائر من متغيرات سياسية منذ 22 فيفري الماضي، تاريخ انطلاق الحراك الشعبي المطالب بنهاية حقبة سياسية ميزها الفساد على جل المستويات وتفشى فيها الظلم الاجتماعي، اتضح جليا أهمية دور المجتمع المدني الجزائري في تسيير المطالب الشعبية وفقا لعقلانية تصب في الصالح العام  لكل من المواطن والوطن، وتحترم خطوطا حمراء لا يجب المساس بها وهي وحدة الشعب الجزائر وسيادته على ترابه.  
ويتضح جليا الدور المهم الذي قد يلعبه المجتمع المدني المتماسك والملم بتاريخ وطنه ومرجعيته وهويته، والضوابط التي جاء بها الدستور، في الدفاع عما يطلبه الشعب من جهة وعما يقدمه الجيش الوطني الشعبي من جهة أخرى، ويكون بمثابة الدرع المتين للتصدي لكل محاولات المساس بالوحدة الوطنية أو التشكيك في الهوية الجزائرية بكل مكنوناتها الأمازيغية والإسلامية والعربية، وأنه يكون «السيف» الذي يدافع عن الجزائر وعن تحولها نحو الديمقراطية الشعبية والرقي والازدهار، لا السلاح الذي يوظف بأيادي أعدائها ومحاولاتهم لزعزعة استقرارها اقتصاديا وأمنيا.
اليوم تحتاج الجزائر إلى مجتمع مدني يضع نصب عينيه استقرارها ووحدتها، ويعمل على سد الفجوة التي تركها غيابه أو تخلفه عن الحراك منذ بدايته. وتحتاج الجزائر إلى مجتمع مدني يعي المعنى الحقيقي للمواطنة، لا يظهر وفقا للمناسبات أو بحضور كاميرات الإعلام، وبحثا عن الأماكن الأمامية في الاحتفالات من أجل نيل بركات المسؤوليين وإعانات الحكومة المادية، بل هو مطالب بأن يقوم بدوره التحسيسي والتوعوي وأن يخدم القطاعات التي أسس عليها طلبات اعتماده كجمعيات، ويسخر إمكانيات إطاراته ونخبته في خدمة الجزائر أولا وقبل كل شيء، ذلك ببناء مواطنة سليمة، محاربة الفساد، والدفاع عن مصالح العباد والبلاد حتى بالنقد البناء.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024