يعدّ القطاع الاقتصادي صاحب الأولوية القصوى، في الإصلاحات المستعجلة التي تنتظر الرئيس القادم، الذي سيحظى بالاختيار الشعبي في انتخابات 12ديسمبر المقبل، ولعل من بين الأولويات التي تفرض نفسها في الوقت الراهن قبل غيرها من ملفات تعديل الدستور وانتخابات البرلمان أو إطلاق الاستراتجيات، إرساء إصلاحات بنكية وجبائية شاملة وجذرية، تتزامن في وقت واحد مع مكافحة جادة وناجعة للسوق الموازية، وتتبع بإدراج الصيرفة الإسلامية لتنويع الخدمات المالية، وتتخذ كعامل لتشجيع جذب إدخار الأسر كأداة لاستقطاب الموارد المالية المكتنزة لدى العائلات.
أمام كل هذه الأولويات، ينبغي الاستمرار في مكافحة الفساد بعيدا عن الخطابات الجوفاء، وتوقيف أفعال تبديد المال العام مهما اختلفت أشكاله، من خلال وضع الآليات التي تندرج في إطار استرجاع الأعمال المنهوبة، سواء كانت داخلية حيث يمكن جمعها واستعادتها، لكن التحدي الأكبر يكمن في الأموال المودعة في بنوك أجنبية، لذا الرئيس المقبل يجب أن يبدع حيث إنه مطالب بوضع الآليات الدبلوماسية، ذات الأبعاد الاقتصادية المصيرية، و فوق ذلك ينبغي أن تكون لديه قوة وذكاء يسمحان بفرض على تلك الدول التعاون لاستعادة ما نهب، حيث يمكن أن يجري ذلك في إطار المقايضة، من خلال منحها امتيازات في الاستثمار في الغاز والطاقات المتجددة، لكن بالمقابل فتح قنوات استرجاع الأموال المنهوبة.
تشمل الأولويات التي ينبغي أن تتصدر الاهتمام، إعادة فتح ملفات حساسة بحجم المنظومتين الصحية والتربوية، من خلال نقاش يستوعب الجميع ولا يقصي أحدا، لأن الأمر يتعلق ببناء النشء وإعداد الأجيال المقبلة، التي تستكمل مسار بناء جزائر قوية لا تزول برحيل الرجال.
تحتل منظومة التقاعد مكانة لايستهان بها، لأن تلبية مطالب هذه الشريحة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، حيث لا تحل مشاكل الصندوق على حساب المتقاعدين أو أصحاب الحقوق، لأن الحلول والوصفة العلاجية واضحة، وتكمن في إلزام المؤسسات بدفع الاشتراكات ومكافحة التهرب والتحايل على الصندوق، ولأنه من الطبيعي عندما يتوسع أداء ونسيج الآلة الإنتاجية، يفضي ذلك إلى الزيادة في المداخيل، ولعلّ هذا الدور موكل ومن مهام وزارة العمل حامية الحقوق عبر آلياتها، من خلال مراقبة الورشات والمصانع والمتعاملين وفرض القانون على الجميع.
