هل تنجح المنظومة البنكية الجزائرية في الانتقال من دور الوساطة المالية إلى الأداء الاقتصادي في وقت تشتد فيه أزمة السيولة بالموازاة مع طول فترة تداعيات انكماش إيرادات النفط؟. وسط هذا المشهد المحفوف بالمخاطر، جاء تنظيم المنتدى الجزائري للتأمينات والمالية الإسلامية بحثا عن تصوّر عملي قابل للتطبيق في السوق، ليكون مكمّلا للنظام البنكي التقليدي الذي أظهر محدوديته، خاصة بفعل النزعة البيروقراطية المهيمنة في اتخاذ القرار.
حقيقة، أمام الأزمات وما بالك بمثل تلك التي يمر بها الاقتصاد الجزائري في وقت يحرص فيه على تأمين ديمومة النمو والرفع من وتيرة الاستثمارات، تسقط المفاهيم الإيديولوجية وتتراجع النقاشات الجانبية لصالح خيار تجنيد كل الموارد المالية المتاحة لفائدة النمو.
لا يهم المصطلح، إسلامي، اندماج، شمولية تشاركية، إنما الأهم بناء مسار جديد يستوعب الطلب ويطرح البدائل لإثارة اهتمام شريحة واسعة من الزبائن الذين يتطلّعون لمنتجات مطابقة لقناعاتهم، وهي مسألة أكبر بكثير من حصرها في نقاش فقهي في وقت سارعت فيه بلدان غربية إلى اعتمادها دون حرج.
يبقى فقط أن يعطي بنك الجزائر الضوء الأخضر لتتحرّك البنية المصرفية المنتشرة من خلال بنوك عمومية لإصدار التنظيم المتعلّق بالتمويل التشاركي بعد أن عرضه على مجلس النقد والقرض، ليكون المرجع في اعتماد منتجات مصرفية بمعايير إسلامية، مما يوسّع من نطاق الاندماج المالي الذي تحتاج إليه دواليب المنظومة الاقتصادية.
سبق لمحافظ بنك الجزائر محمد لوكال، أن أوضح بمناسبة اليوم العالمي للادخار أن المشكلة التي تواجهها الجزائر ليست في نقص السيولة المالية وإنما في أن كتلة مالية كبيرة توجد خارج البنوك وتقدر بما يعادل 20 مليار دولار، كافية لو تدمج في البنوك من خلال مختلف آليات الاستقطاب لتغطية العجز في ميزانية 2019، وتعزيز حماية احتياطي الصرف وكبح الإصدار النقدي.
إن نجاح أي نظام بنكي لا يتوقف فقط على مدى احترافيته في معالجة التقنيات المصرفية وانتشاره عبر اتساع شبكة الوكالات بقدر ما يرتبط ذلك بمدى القدرة على الإصغاء لمحيطه وإدراك نوعية الطلب الموجود وفهم الرغبات لدى الزبائن بدون أي تصنيفات لا علاقة بالاقتصاد، ومن ثمّة امتلاك الجرأة في كسر كافة الحواجز الوهمية وركوب المخاطر برؤية إستراتيجية.
