رمزية مكان

«لجدار» طقوس المدافن والجنائز عند البربر في القديم

«لجدار» هو اسم لمعلم تاريخي هام يقع على بعد 30 كم جنوب غرب مدينة «تيارت» وعلى بعد 15 كم شمال شرق مدينة «فرندة» وعلى بعد 07 كم جنوب شرق مدينة «مدغوسة».
فقد كشفت دراسة المدافن خلال الوجود الفرنسي والعشريات الأولى من الاستقلال عن حقائق علمية هامة تتعلق أساسا بالجانب الديني والفني والمعماري، كما سمحت بالتعرف على الكثير من الممارسات والعادات الجنائزية وكذا الفنون الهندسية المختلفة الشائعة للبربر في تلك الفترة.
كما نلاحظ وجود مرتفعات بجبلي «لخضر» و«العراوي» المتخامين لجبال فرندة والمشرفين على كامل سهل «سرسو» الممتد نحو الشرق، ويبلغ عدد المعالم 13 معلما تتوزع على مجموعتين تختلفان من حيث العمر والأهمية، المجموعة الأولى تتكون من 03 أضرحة وتعلو قمم جبال «لخضر» المحاذي للضفة «اليمنى» لوادي «مينة» والملقب بجبل «لجدار»، أما المجموعة الثانية المسماة «ترثاثن» فتقع بالقرب من بلدية «الحواريف» وتتكون من 10 معالم وقيل أنها تشكل مقبرة حقيقية تنتشر على سفوح جبل «العراوي» الذي يبعد بحوالي 2.5 كم عن جبل «لخضر».
 أكبر أضرحة «لجدار» على الإطلاق موجود على قمة جبل «العراوي» الذي يبلغ ارتفاعه 1283م ويبدو الضريح على شكل كتلة من الركام نتيجة تهاوي بعض المدرجات وبعض أجزاء من  الجدران التي تزخر بأنواع مختلفة من الزخارف والرسوم وكذا الكتابات.
 أما جبل لخضر فإنه يتميز عن باقي المعالم الأخرى بموقعه الهام وتنوع منشآته الداخلية والخارجية فهو يشتمل على أروقة وغرف في الداخل وفناء وكذا منصّة شرفية وسور كبير.
في سنة 1938 قام المدعو «داروفو» وبمساعدة من «مني» بدراسة معمقة مسّت جوانب عديدة من المعلم، وبحسب ما جاء في تقريره، فإن الشكل الخارجي للضريح ينقسم إلى قسمين رئيسيين هما: القاعدة والهرم المدرج، ويبلغ متوسط طول جدران القاعدة 34.60 م وارتفاعها 4م، وتتشكل من حوالي 8 مداميك من الحجر المنحوت الكلسي وضعت ممتدة وقد تفصل بينها فواصل محكمة على خلاف قبر الرومية (مدغاسن) الذي بني بطريقة متقنة فهو عبارة عن دبش من الحجر الكلسي والرملي وأحجار مفلطحة تشدّ بعضها البعض بواسطة ملاط كلسي.
أما عن التاحر «هرامي» فلم يبق من مدرجاته إلا الخمسة الأولى الواقعة في المنحدر الشرقي بينما انزلقت الأجزاء الأخرى إلى الأسفل وعن المظهر الخارجي للجدار فإن الساحة وأسوارها التي شاهدناها فهي على شكل فناء واسع ينحصر بين جدران الضريح والسور، ومتوسط طوله 48.25 م وعرضه 6.95 م، فقسم منه مبني من الحجر المفلطح الكلسي والرملي

وقسم سطحه طبيعي يتشكل من طبقات صخرية وهناك البناء الهرمي الصغير الذي يقع على بعد 3.80 كم شرقي الضريح وهوعبارة عن بناء مستطيل يتكون من جدران مزدوجة ومربعة الزوايا وقد لاحظنا وجود منصة شرفية تقع في أقصى شرق هذا المعلم وهي مسطحة ومستطيلة طولها 26.50 م وعرضها 16.50م، يحدها من الجوانب الثلاثة (شرق، جنوب، شمال) حائط ساند مقصب، وقد تم اكتشاف 6 أحواض منحوتة من جميع الجوانب بشكل جيد وموزعة على طول الجدران.
فيما يخص أصل التلة، يرى بعض الباحثين أن تسمية «لجدار» اشتقت من كلمة الجدار ومن المحتمل أنها دلالة على سماكة هذه المباني ومتانتها ولا ندري من الذي أطلق هذه التسمية. وقد قيل لنا أن أول من اكتشف لجدار هو الباحث «هنري بارنار» رفقة «الجنرال لاهور سيار» وكان هذا خلال سنة 1942، وفي سنة 1943 قام آزيمة بمهمة استكشافية أخرى نشرت في تقرير «هادريان» وأول دراسة كانت من طرف «بوردي» الذي تمكن بتاريخ 05 نوفمبر 1865م من الولوج داخل الضريح وقدم وصفا مفصلا عنه وفي نفس السنة بدأت أعمال التنقيب في كل من «مدغاسن» وقبر الرومية، وقد تعرضت لجدار كغيرها من المعالم الأثرية إلى تشوّهات بسبب الطبيعة وتخريب الإنسان  ففي سنة 1961 تعرضت لجدار إلى ضربات مدفعية من طرف عسكريين فرنسيين.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024