تحت تصرّف زبائن بالمقهى وسط مدينة الورود

القصّة الكاملة لمكتبة حديث الخاص والعام

البليدة: لينة ياسمين

جون بول سارتر، طه حسين وجبران خليل جبران، وأسماء في الشأن الديني والفلسفي والأدب العالمي، صفت في عناوين لأمهات الكتب بعناية وجمال، داخل خزانة تلونت بالأبيض وتوشّحت في خطوط عريضة بالأزرق، في لمسة لاستقطاب أنظار الناس بساحة التوت، القلب الحيوي لمدينة الورود والتاريخ البليدة، وكتب على زجاجها «ضع كتابا وخذ آخرا».

قصة الخزانة المكتبة والتي يقول عنها «إبراهيم» صاحب المشروع في ميلاده متحدثا لـ «الشعب»، أنها فكرة راودته منذ مدة، وقرر  أن يضع تحت تصرف زبائن يقصدون مقهاه، مكتبة يطالع الزبون كتابا خفيفا في محتواه وهو يرتشف قهوته ويغادر منتشيا وقد غذى بطنه وفكره ولو بالقليل على السريع.
 ثم تطورت الفكرة مع مجموعة من الشباب، وتمخض عن نقاش وإقناع أن تخرج المكتبة إلى الساحة العامة في أوائل شهر جانفي الماضي وتتواصل محدثة ديكورا من نوع خاص، ومشهدا يغري الناظر والزائر في موسم الصيف.
 المكتبة تستقطب الناس ومريدي الكتاب والورق، وتكون تحت تصرف الجميع وليس زبائن المقهى فقط، وكان المشروع قد انطلق وبدأت الفكرة في الاهتمام والطلب، ولكن؟ يتساءل إبراهيم في حسرة وعض الشفاه.
يسترسل الشاب الوسيم صاحب النظارات الدائرية، والقامة النحيفة والطويلة، في التعبير بملامحه وعلامة «استفهام» عريضة كبيرة، انصبغت وظهرت على محياه، وقال في جوابه عن  لكن»؟ أن الأمور لم تجر مثلما كان يتوقع، فالكتب أصبحت «تُسرق» بطريقة متقنة ومدروسة ومؤسفة، مؤكدا أنه ضبط أحدهم وهو يحمل بين يديه عددا من الروايات القديمة، لجهابذة الأدب العالمي والقصص التاريخي الفذ، ذات الورق الأصفر والرائحة العبقة للحبر باللغة الأجنبية.
 ويعلّق الشاب مسترسلا، ربّما كان يريد بيعها ضمن سوق تجارة الكتب بالساحات العامة، لأن الطلب على مثل هذه الكتب موجود، وهي النادرة بالأسواق، حتى تحولت المكتبة إلى ما يشبه «مكانا عنوانا» توضع به الكتب المدرسية القديمة، أوراقها ممزّقة وحالها لا يشبه شكل الكتب أو حتى المجلات والجرائد، بل إن من الكتب من أصبح أرشيفا للتاريخ، بعد أن تغير المنهاج القديم، واستبدلت بكتب للمنهاج الجديد، ويضيف أن هناك أشخاصا أحرجوه بأخذ كتب دون أن يضعوا مكانها أخرى، ولم تمر تقريبا 5 أشهر حتى تحولت إلى  ما هي عليه، ما يشبه مكبا لرمي الكتب البالية.
عن المشروع في عمومه أفصح محمد أمين الطالب الجامعي في عينة حديث، أنه لم يستسغ فكرة الخزانة المكتبة ولم يهتم لأمرها أو ينشغل بها، وكان يؤمن ويعتقد أن لا داعي لها، لأن الفضاء الافتراضي والشبكة العنكبوتية أو ما يطلق عليها
«الانترنيت»، غزت العالم وعقول الناس وكل شيء، ومطالعة الكتب باتت تقليدا قديما، لم يعد جيل التكنولوجيا يعتمد أويلجأ إليه، وإنهم في مثال الطلبة، يفضلون الانترنيت على الاطلاع ومطالعة الكتب.
واسترسل محمد أمين حجج قائلا إنّه قلّما تجد طالبا أو طالبة أو أي كان من بني جيل التسعين والألفية، وليس لديه حاسوب محمول أوهاتف خلوي ذكيا، أو لوحة رقمية، وهنا ومن هذه المنطلقات والأرضيات فهو مقتنع، أنه كان من الأفضل على من دبر وفكر في مثل هذا المشروع المحدود، أن يضع تحت تصرف الناس خدمة الانترنيت المفتوحة عبر  «الواي فاي»، وهنا الفائدة والصواب، «حسبه» كانت أعم وأشمل وأنفع.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024