نقطة إلى السطر

كورونـــا بين غلـق المساجد وفتح القلوب

فتيحة كلواز

انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الأسبوع الأخير الكثير من فيديوهات يتأسف فيها أصحابها على حلول شهر الصيام في ظروف استثنائية بسبب كورونا، فرضت غلق المساجد وحرمت الأسر الجزائرية والإسلامية من سهرات رمضانية وجلسات عائلية، غالبا ما تكون أهم مميزات الأيام المباركة. لكن رغم ذلك، علينا أن نعرف أن الصيام لا يتعلق فقط بتلك المظاهر والتقاليد التي تعودها المجتمع لقرون طويلة، لأن رمضان في زمن كورونا يمكن أن نجعل منه فرصة للعودة إلى الله تعالى، بعيدا عن رياء سكن ظلمات النفس وأصبح الموجه لها في إتيان العبادات، فما اطلعت عليه أعين الناس قام بها المرء وإن كان فيها مشقة وما توارت عنها تركها، وإن كانت مجرد ذكر يردده القلب قبل اللسان.
هي حال أغلب من يتسارعون إلى بيوت الله يتسابقون إلى الصفوف الأولى، بل بلغ ببعضهم تأجير شخص يضمن لهم مكانا خلف الإمام، غير مبالين بآداب المسجد أو ضرورة التخلص من شوائب النفس قبل مقابلة الله تعالى في بيته، ولن يختلف اثنان في أن المسلم اليوم أصبح الظاهر عنده أهم بكثير من تطهير النفس والاعتدال في السلوك ليكون كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم «خلقه القرآن» في كل تفاصيل حياته، فكان بذلك التجسيد الكامل لتعاليم الإسلام، وهنا يتساءل الكثيرون عن سبب الخلل الحاصل بين ظاهر وباطن المسلم.
كيف أصبح الوضوء الذي يرفع الكثير من الخطايا لا ينفع مع مسلم يتوضأ ويصلي ثم يرتشي..يكبر، يستغفر ثم يسرق ويزني ويظلم ويهتك الأعراض وينِّم ويغتاب ولا يجد سوءا في اللغو والقذف أو أن يأتي مسؤولا يرى في ظلمه عدلا واستقامة، كل ذلك انعكاس واضح لرياء سكن نفس صاحبه حتى اقتنع أنه الصواب، بل أدرجه تحت غطاء القدوة الحسنة أو النصيحة أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هي معادلات صعبة تتناسب منحنياتها بمصلحة خاصة تزاوج بين خبث باطن وصلاح ظاهر.
حقيقة، أغلق فيروس كورونا المستجد، المساجد، وحل رمضان علينا بسببه تحت الحجر، لكنها رغم ذلك هي فرصة  ليقف المسلم وجها لوجه مع ربه في لحظة يركع ويسجد فيها بعيدا عن نظرات الإعجاب وفن صناعة السمعة الطيبة، لينزوي في منزله ليصلي التراويح بعيدا عن عبادة موسمية عهدها لسنوات، وسيبكي ساعة الفجر بين يدي ربه في صدق لأنه يخشاه ويخافه فلا مفر من الله تعالى إلا إليه.
 كورونا درس رباني يعلمنا أن نخلص لله تعالى بعيدا عن معادلة الربح والخسارة.  

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19547

العدد 19547

الأحد 18 أوث 2024
العدد 19546

العدد 19546

السبت 17 أوث 2024
العدد 19545

العدد 19545

الخميس 15 أوث 2024
العدد 19544

العدد 19544

الأربعاء 14 أوث 2024