معلم يروي تاريخ بونة العريق

«منارة رأس الحمراء» قطب سياحي يستقطب آلاف الزوار

عنابة: هدى بوعطيح

حين تمتزج زرقة البحر بشموخ الجبال

تستقطب رأس الحمراء بعنابة، العديد من السياح والزوار الراغبين في اكتشاف هذه المنطقة السياحية والتاريخية أيضا، لكونها كانت مسرحا لبشاعة المستعمر الفرنسي، حيث يجد الزائر  نفسه أمام منظر طبيعي خلاب تمتزج فيه زرقة البحر بشموخ الجبال من جهة، ومن جهة أخرى أمام منطقة تروي تاريخ بلد كافح لاستعادة سيادته، لتكون رأس الحمرا منطقة يتغنى بجمالها وروعتها كل من قادته قدماه إليها.
وما زاد من جمال وتميز المنطقة هو برج المراقبة المعروف بـ»منارة» رأس الحمراء» المتواجدة بأعالي منحدر صخري، تغطيه تربة حمراء استمدت اسمها منه، والتي تحوّلت مع مرور الزمن إلى قطب سياحي يستقطب آلاف الزوار من داخل الوطن وخارجه لتموقعها ومنظرها الجميل، كونها مبنية بالحجر الأحمر والغرانيت والحجارة المنحوتة، جعلها تأخذ ملامح قصر شامخ يعود للزمن الغابر.
منارة «رأس الحمراء» تعتبر أيضا وسيلة إرشاد لأمن الملاحة البحرية، ومن أعالي برجها المربع الشكل تطلق المنارة إشاراتها الضوئية الاستدلالية التي تمتد على مسافة 31 ميلا بحريا، وهي مجهزة بآلات تعمل بالطاقة الكهربائية وأجهزة راديو واتصال، كما أنها تتوفر على مباني مرافقة للحراسة والصيانة خاصة بعمال المنارة.
طريق ساحلي لربط رأس الحمرا بشاطئ واد بوقراط
وقد أعيد تجهيز المنارة سنة 1947 بمصباح ضوئي كاشف ينير بترددات متتالية طوال الليل وحتى طلوع الشمس، حيث تُعطي إشارات ضوئية تُرى من مختلف شواطئ عنابة كدليل للبواخر التي ترسو بميناء المدينة أو العابرة باتجاه آخر، مقدمة منظرا جميلا بضوئها الأخضر، حيث تطلق المنارة إما إشارات ضوئية أو صوتية.
وليكون هذا المعلم واجهة سياحية بامتياز، عملت السلطات الولائية هذه السنة على تهيئة منارة «رأس الحمراء»، لتكون قطبا سياحيا بمواصفات عالية، تتوفر فيها الخدمات السياحية اللازمة، حيث خصص لها ما يفوق 48 مليون دج، لتخضع لعملية عصرنة واستحداث، حيث يمس ذلك كل ما يحيط بهذا الفضاء من المنارة إلى الشاطئ وموقف السيارات، وتهيئة الأرضية وتمديد الممر الصخري على طول الساحل. إضافة إلى أن أهم عملية مسّت منطقة رأس الحمرا بعنابة هو مشروع إنجاز طريق ساحلي لربط المنطقة بشاطئ واد بوقراط بسرايدي على امتداد 6 كلم، حيث خصص له 30 مليون دج.
منبع عين بنت السلطان سحر الطبيعة
وما زاد من أهمية منطقة رأس الحمرا، منبع عين بنت السلطان الذي يجري من تحت أقدام المنارة، والذي أضاف سحرا خاصا لها، حيث بات اليوم ملاذا مفضلا للشباب للراحة والاستجمام، كما أنه ملتقى الكتاب والشعراء، بعد أن جعلت منه السلطات المحلية فضاء لاحتضان مختلف الفنون، أين تمّ تنظيم مؤخرا حفلا موسيقيا في إطار المهرجان المحلي للفنون والثقافات الشعبية عنابة - صيف عنابة 2018، حضره والي ولاية عنابة محمد سلماني رفقة لجنة الشؤون الخارجية والجالية بالبرلمان، حيث نشط الحفل الفنان رضوان صمار في طابع العيساوة والفنان مراد مرايسية في طابع الفلكلور وفتحي العنابي في طابع المنوعات، كما تخلل الحفل  لحظات فكاهية مع كل من نوفل ولطفي.
وقد استحسن سكان بونة هذه المبادرة التي ستعمل في نظرهم على إحياء هذه المنطقة، لا سيما في الفترة الليلية، والتي كانت في السنوات الماضية شبه خاوية يلجأها فقط من يملكون وسيلة نقل، إلا أنه اليوم أصبح يرتادها جميع سكان بونة دون استثناء، حيث الاستجمام والراحة بعيدا عن الخوف من الاعتداءات في ظلّ التعزيزات الأمنية المكثفة لأمن وسلامة المصطافين والسياح، وهو ما جعل اليوم منارة رأس الحمرا وعين بنت السلطان من أكثر المناطق إقبالا، لا سيما في فصل الصيف، كما أصبحت المكان المفضل للعديد من العائلات التي تقضي سهراتها بها إلى ساعات متأخرة من الليل.
معتقدات ما تزال راسخة..
غير أن ما يزال يشاع عن «عين بنت السلطان» أنها مياهها العذبة تستخدم للتبرك، ويقصدها على وجه الخصوص نساء وفتيات وأحيانا الرجال.. ولكل منهم حاجة يرغبون في تحقيقها، منهم من يطلب الشفاء، وأخريات الزواج، حتى أن بعض المعتقدات البالية، والتي ما تزال راسخة في دهن البعض منهن، تقول بأن الفتاة التي تشرب من مياهها، سيكون الزواج من نصيبها في القريب العاجل.. لتبقى هذه الأحاديث مجرد روايات تتداولها بعض النسوة، في حين يراها آخرون فضاء للاستجمام والراحة فقط، وقضاء موسم اصطياف بأحد المناطق السياحية بعنابة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024