في ظل غياب الرّقابة لمصالح التّجارة بولاية تلمسان

سوق «الرمشي» يبيع زبائنه التّسمّمات والموت

تلمسان: محمد بن ترار

يعتبر سوق بلدية الرمشي من أكثر الأسواق استقطابا للمواطنين والتجار على مستوى الجهة الغربية لما فيه من معروضات بهذا السوق الذي يعمر 3 مرات أسبوعيا (الاثنين، الثلاثاء والخميس)، في فصل الصيف يتحول إلى مكان تنعدم فيه شروط حفظ المواد الاستهلاكية على اختلافها، ما أدى إلى فوضى عارمة تهدد المواطن وصحته.

هذا السوق الذي أصبح يشكّل عبئا ثقيلا على المصالح الامنية خاصة يوم الخميس لما يحدثه من فوضى عارمة بأهم شوارع المدينة بفعل طريقة كراء الطاولات الفوضوية التي جرت رئيس بلدية الرمشي السابق إلى العدالة، ما يستوجب على رئيس أمن الدائرة إقامة مخطط أمني يثقل كاهله خاصة إذا تزامن السوق مع مقابلة في الملعب البلدي الذي لا يبعد على السوق إلا ببعض الأمتار، هذا  السوق الذي أصبح يشكّل عبئا على السلطات البلدية التي لم تخل مداولات مجلسها من ذكر السوق البلدي ومخاطره لأنه يغلق محطات المسافرين المؤدية الى كل من الحناية، تلمسان، عين يوسف، الفحول، بني خلاد فلاوسن،هنين وفاطمي العربي بفعل التوقف العشوائي لسيارات المتسوّقين، وكذا التجار الفوضويّين الذين لا يحترمون الرصيف وحق المارة، زيادة على كثرة أصحاب الباركيغ الذين لا يهمّهم مصلحة المواطن بقدر مصلحتهم الخاصة.
أكثر من هذا فإن مجاورة السوق للطريق الوطني رقم 22 المزدوج جعل القضية تتعقّد أكثر، خاصة بعدما صارت السيارات المتوقفة بجوار الطريق تشكّل خطرا على مستعمليه من حوادث المرور المميتة، كما تحوّل هذا السوق الى خطر حقيقي على صحة المواطن من جراء المنتجات المعروضة، والتي بعضها قاتل نتيجة غياب الرقابة من قبل مصالح مراقبة الجودة وقمع الغش.

لحوم مجهولة المصدر ودجاج يذبح في المراحيض

المتجول في سوق الرمشي يقف على حجم التجاوزات الكبرى التي تحدث داخله، حيث يفاجئك أكثر من 5 جزائريين يبيعون لحوم الماشية بأسعار زهيدة لا تزيد عن 700 دج في أحسن الأحوال، هذه الذبائح التي لا تحمل ختم البيطري وتباع وسط الغبار والأوساخ يجهل مصدرها حتى أن البعض قال بأنها جيفة أو أغنام مريضة ومسنة تسبب لمستهلكها أمراضا خطيرة، لكن أمام السعر المغري تجد الإقبال عليها كبيرا من قبل المواطن المغلوب على أمره، خاصة في ظل غياب الرقابة الصحية والبيطرية والأمنية أين ناشد العشرات من مواطني مدينة الرمشي السلطات المحلية بضرورة التدخل العاجل من أجل وضع حد لعملية البيع العشوائي للحوم والدجاج بالسوق الأسبوعي، خاصة بعدما حوّل بائعو الدجاج مدخل مرحاض السوق إلى مذبحة للدجاج، غير آبهين بمخاطر امتزاجها بالفضلات في ظل غياب الرقابة التي لم تهتم لصحة المواطن، ما قد يرفع من نسبة الأمراض المعدية في الوقت الذي كذبت المصالح المكلفة بكراء سوق الرمشي وقوع هذه التجاوزات رغم وجود صور حية للذبح الغير مرخص بمدخل مرحاض السوق الأسبوعي للرمشي. ورغم أن القانون يمنع الذبح خارج المذابح المرخصة، ويجبر المصالح المختصة باتخاذ إجراءات ردعية في حالة المخالفة منها العقوبات القانونية - حجز الذبائح - الإحالة على المحكمة، لكن ذلك لم يتم لحد الساعة رغم ما قد ينجر عن ذلك من أخطار. وغير بعيد عن اللحوم وبمدخل السوق الأسبوعي، اتخذ تجار السمك موقعا للبيع تحت أشعة الشمس ما قد يؤدي إلى تلف السمك ويصبح عرضة للتسممات الغذائية التي تهدد المجتمع «الرمشاوي» بفعل ارتفاع التجار الفوضويين للسمك خصوصا، حيث أضحى التجار يبيعونها على الرصيف مباشرة وفي مناطق تغيب فيها أدنى شروط النظافة، ناهيك عن درجات الحرارة المرتفعة التي تجاوزت الـ 40 درجة مئوية.
هذا وتظل هذه الأسماك لساعات تحت أشعة الشمس خصوصا أيام السوق الأسبوعي، ورغم أن القانون يمنع بيع هذه المادة الحساسة في هذه الظروف غير الملائمة، لا أحد تحرك لمنع مثل هذه التجاوزات بأحد أشهر الأسواق على مستوى الوطن ليبقى المواطن يقتني أسماكا محمرة تحت أشعة الشمس قد تؤدي الى هلاكه بفعل غياب روح المسؤولية لدى التجار، الذين لا يهمهم الا تحقيق الربح وإلا كيف يتم استمرار بيع السردين من الصباح الى المساء دون رقابة.

مساحيق تجميل تسبّب البرص ونظّارات شمسية تسبّب العمى

المتجول بسوق الرمشي خصوصا يوم الخميس يقف حائرا أمام بعض المنتجات المقلدة التي تحمل أسماء الماركات العالمية رغم أنها منتجات غير صالحة للاستهلاك، وأكثر من ذلك فقد تسبّب أمراضا خطيرة لا يمكن معالجتها وتكلف صاحبها خسائر كبيرة في المال وفي الجسد. هذه المنتجات تباع من قبل تجار لا علاقة لهم بالتجارة بل أن أنهم مجرد نصابين سرعان ما يختفون بمجرد بيعهم لكميات كبيرة من المنتجات،وذلك من خلال عرض أسعار تنافسية، ولعل أكبر مادة تهدد صحة النساء هي مساحيق التجميل التي كثرت الطاولات التي تبيعها، والتي أغلبها غير صالح حيث أصبحت الطاولات تنافس الباعة المعروفين ببيع أكبر ماركات مساحيق التجميل، في حين حذّر أحد المختصين في أمراض الجلد من مغبة اقتناء هذه المساحيق التي تهدد الجلد وتحوي مواد مسرطنة،مشيرا إلى أن هذه المنتجات مزورة ولا تخضع للمخابر الدولية المتعارف عليها، وإلا كيف تباع بربع سعرها الحقيقي.
وغير بعيد عن المساحيق توجد عشرات الطاولات لبيع النظارات من مختلف الأنواع الشمسية منها أو الطبية، حيث تفاجئ بنظارات ذات البعد والقرب ومحدد عليها نسبة الزيادة أو النقصان في الدقة، وكأنك أمام طبيب عيون، في الوقت الذي يستوجب على الشخص الذي يحاول اقتناء النظارة أن يزور الطبيب الذي يحدد له دقة نظره والنظارات التي تلائم نظره، لكن أمام صاحب طاولة النظارات لا حاجة لك للطبيب حسبه، حيث يعطيك النظارة الملائمة لبصرك بـ 500 دج في الوقت الذي يزيد ثمن نظارة بائع النظارات الطبية عن 5000 دج، وهو ما يبين الخطر الذي يحدق بمقتنيها.
كما تبيع الطاولات المنتشرة بأرجاء سوق الرمشي النظارات الشمسية التي تحمل مختلف الماركات العالمية على غرار (بوليس، رايبين...) وبأسعار تنافسية، حيث لا يزيد ثمنها عن ال 400 دج في أعلى المستويات، في الوقت الذي تصل النظارات الأصلية للماركات المذكورة إلى 5000 دج وما فوق. هذا وأشار الدكتور «كمال - ب»، طبيب مختص في طب العيون أن هذه النظارات تسبب العمى لأنها تؤثر على شبكة العين وتخربها، خاصة النظارات الشمسية التي تحوي مواد بلاستيكية تحول الأشعة الشمسية إلى خطر محدق بالعين، محذرا من معية استعمال هذه النظارات التي وصفها بالخطر الحقيقي على صحة المواطن.
 من جهتها، أشارت مصالح مراقبة الجودة وقمع الغش أن القضية خطيرة جدا وتستوجب تدخل السلطات العليا لمراقبة السوق، ومنع دخول هذه المواد التي تشكل خطرا على صحة المواطن، ولا تعود بالمنفعة لا على الاقتصاد ولا على الصحة العمومية.
وبهذا السوق وأنت تطوف بالأرجاء الشّاسعة له يصادفك تجار غرباء مستعملين مكبّر الصوت لجلب الزبائن أنّهم «عشابين» وأطباء الجلد، وكل الاختصاصات يبيعون مستحضرات مجهولة مستغلين جهل وأمية المواطنين لبيعهم خلطات مختلفة لمعالجة أمراض عديدة يتفنّنون في النصب على المواطن من خلال ذكر منافعها.

حلويات، أجبان ومشروبات تباع على الرّصيف

رغم وجود العشرات من أعوان الأمن التي تتكفل بحماية المواطن وتسهيل حركة المرور بالطرق القريبة من السوق، لكن لا أحد تساءل يوما عن عدم تدخل مصالح مراقبة الجودة ومكافحة الغش التي يقع على مسؤوليتها حماية المستهلك لمراقبة السوق من وجود عشرات الأنواع من المواد الغذائية المعرضة للتلف تباع بأسعار زهيدة على الرصيف خاصة الاجبان والزبدة والحلويات و»الكاشير» و»الباتي»، والمشروبات الغازية والعصائر والياغوت والبيض، حيث ورغم أن هذه المنتجات يحظر بيعها دون احترام شروط حفظها، لكن لا أحد اهتم للقانون أو مصلحة المواطن بل أن إحدى الشاحنات تتخد من وسط الشارع بحي «عميروش» مركزا لبيع هذه المواد. وقد كشف أحد المستهلكين أنه اشترى علبة عصير من الشاحنة تجاوزت مدة صلاحيتها بشهر كامل، ورغم ذلك يقوم التاجر ببيعها للمواطن أمام أعين المسؤولين الذين لم يكلفوا أنفسهم القيام بواجبهم القاضي بحماية المواطن البسيط من الموت بسموم تجار سوق الرمشي، الذين لا يهمهم إلا ملأ جيوبهم ولو على حساب صحة الضعفاء والمساكين.
من جهته كشف مدير التجارة السيد عمر هلايلي أ مصالحه كلفت 80 فرقة لمراقبة نشاط التجار، الذين أغلبهم يمارسون تجارتهم في الأسواق بسجلات تجارية، كما ان بعضهم أصبح يهدد الأعوان خاصة الجزارين.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024