سكّان البليدة يقصدونها كل صيف

اوساخ ، فوضى والخدمة السياحية لمن استطاع...

البليدة: لينة ياسمين

كلّما حل الصيف تجد الجميع يتهيّأ بالمدن الساحلية وينشط، وكأنّ فترة السبات قد انتهت واستفاق الكل، فيبدأ الجميع في التجارة والاسترزاق.

يَتكثف النشاط بشكل ملحوظ ولا يتوقف، مستغلّين فرصة السياح وعشّاق البحر والاستجمام، يَقتنصون جيوبهم ودنانيرهم، وليس في ذلك ما يعاب، ولكن ما هو ملاحظ أن ذلك النشاط الموسمي الكثيف في الفعل السياحي، لا يراعي فيه نوعية الخدمات التي تقدم إلى الضيوف المصطافين، لأنّ التجار الذين استفاقوا من نومهم، يركّزون على جمع المال، من فئة الطبقة الضعيفة أو متوسطة الدخل، دون الاهتمام بتحسين وتطوير الصناعة والفعل السياحي وتقديمه في شكل خدماتي أحسن، الأمر لديهم يبدو إنه غير مطروح وبعيد عن الاهتمام، وهي الحقائق التي باتت تظهر عليها مدننا الساحلية وتلك التي تشقها مجاري مائية جبلية عذبة، في شواطئها الغربية وأوديتها غير النظيفة، والتي يمكن نعتها بأي صفة، إلا أن تصنف أو تكون «شاطئا» أو ضفة مجرى وادي.
واقع مرّ باتت عليه شواطئ تنتشر عبر بعض الولايات الساحلية القريبة من البليدة وأحيائها، وضفاف وادي حمام ملوان إلى الشرق تماما من مقر الولاية، مقصدان ووجهتان ممتازتان، تعرفان تناميا في التوافد المشهود للمئات بل عشرات الآلاف من العائلات السائحة، تغتنم في غالبية أيام الصيف، أيام نهاية الأسبوع والعطلة السنوية، حتى تقضي بعضا من فراغها وعطلتها على شواطئ نقية رملية ذهبية، أو ضفاف وادي تنساب منه مياه باردة منعشة.
وقد تفجّرت من عمق سلسلة الأطلس البليدي، لتعوّض تلك الأيام المهنية المتعبة، وتنفس وتكسّر الروتين وتجدّد الطاقة.
 لكن الظاهر واقعيا، أنّ الحقيقة مرّة جدا، وهو ما يشهده السياح، حيث يقول «محمد» شاب تاجر صغير، يغتنم فرصة الصيف لجمع بعض الدنانير، بعد ركود في التجارة والأعمال لما يقارب الـ 10 أشهر كاملة، وأقام على جنبات شاطئ البلج في تيبازة «بسطة»، وزوارق بلاستيكية وسترات النجاة للأطفال وعجلات هوائية وتجهيزات الغوص البسيطة، مزركشة وملونة في رسومات لشخصيات كارتونية مشهورة، أن ثقافة «السياحة» بيننا هي مجرّد كلام  «علمي ونظري»، ليس له من الواقع أي أثر، تجد المواطن الساحلية السياحية بعيدة عن الفعل السياحي، حيث إن الجميع فكر في كل شيء، إلا في تطوير وكيف يجعل المصطافين يقبلون على هذه العناوين الساحلية، بالكم والحجم الذي هي عليه مدن دول شقيقة. والأرقام تقول والواقع يؤكّد أنّ أعدادا بمئات الآلاف إن لم تكن بالملايين، باتت تتجه نحو هذه الدول الشقيقة، لأنها وجدت «خدمات سياحية واستقبالا وتقدير السائح». وأضاف «محمد» أنّهم طبقوا استراتيجيات للزيادة في المداخيل، وإنماء اقتصادهم بعيد عن الموارد الطبيعية، وجسّدوا المقولة التاريخية المشهورة «الزبون مهما يكن هو ملك»، وهنا مكمن النجاح.
 
 مشاهد مقززة...

في جولات ميدانية عينية، وقفت «الشعب» على حقيقة غير صحية، اشتركت فيها غالبية المدن والعناوين السياحية، بينت تلك الجولات واقع غير مشرف، فيه تظهر «ظاهرة» الأوساخ والحيوانات المتشردة وحشرات الناموس الطيارة والمزعجة والمخيفة، وتسربات مياه قنوات التطهير لوّثت الجو وعكّرت من حاسة الشم وزكمت الأنوف، والمثير أن هذه المظاهر تكون بشكل واسع في مواطن الاستجمام وعلى الشواطئ، والغريب أن كل هذه الأوساخ التي أصبحت في البر وفي البحر، لا يكاد شبر من تلك المساحات الشاطئية يخلو منها. وفي المقابل تجد بعضا من الشباب احتلوا تلك الشواطئ وفرضوا ما يشبه الرسوم على كل شيء، ولم يسلم من قبضتهم إلا الهواء، ثم حتى باقي السكان بتلك الشواطئ، أقحموا أنفسهم في مجال الاستثمار، وراحوا ينصبون يافطات على أبواب سكناتهم مكتوب عليها باللون الأسود وسطح أبيض حتى تظهر «شقق مفروشة للكراء».
يحدث هذا دون أن يتم تكثيف المجهود في تحسين نوعية الخدمات السياحية واستقبال المصطافين في أجواء نقية وممتعة، بل إن الأمر يزداد سوءا مع وقت السهر والسمر، حيث أن مشهد الأوساخ يزيّن المساحات والفضاءات التي تقصدها العائلات، وأينما تولي وجهك تصدم بحجم الروائح والمياه القذرة وأكياس القمامة، تتفرس فيها القطط والكلاب الضالة وتعبث بها، وهو ما يؤكد البعد عن الفكر والطرح السياحي المعقول والمقبول، حتى لا نقول الجيد والممتاز تختم بصورة مؤسفة، باتت تتكرر على مجرى وادي حمام ملوان، حينما تصطف مركبات وسيارات سياحية على ضفاف الوادي، ويقوم أصحابها وعلى مرأى من الجميع بغسلها، بينما الأطفال الصغار يسبحون
ويستحمّون بالمياه الجارية المتدفّقة والملوّثة، تنساب فوق أجسامهم، وهم لا يدرون أو يميّزون أفعال البالغين، وكيف يعبثون بالطّبيعة وسحرها العذري، ولا يحرّكون أو يجتهدون في تطوير ثقافتنا في الفعل السياحي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024