عزيزِي «نون» وأخيراً تجاوزتُ عنق انشغالِي لأكتُب لكَ الرسالة الأولى والارتباك يغشينِي . .
اليوم فقط قررت أن أفتح أول برقية وصلتنِي منكَ بعد عام وتسعة أشهُر من الآن .. لا أخفيكَ أني ترددتُ كثيراً في فتحهَا، تساءلتُ عمَا يمكن أن تحتضنه هذه الورقة الباهتة ..!
عمَا يمكن أن أخطّهُ لكَ، هل أكتُب لك عن صخب يومِي ..
أم عن الكلام المتراكم بداخلِي ..
لا أخفيك أيضا أنني لا أفكر بك كثيرًا كما أنك في بعض الأحيان لا تغادر بالي وأعلم أنك ستصاب بالحيرة بعد أن تقرأ هذا السطر تحديداً وستسخر من تناقضِي الغريب هذا ..
منذُ مدة لم أنم جيداً .. لم أغمر قدمِاي في المياه، لم أحتسِ عصير الكرزْ المفضل لديّ، لم أتفقد حال النجُوم في السمَاء، لم أقرأ لكاتبي المفضل «غابرييل غارسيا ماركيز «، كان من الصعب علي أن أقف في مواجهة هذا الشعور، أن أشغل نفسي طوال النهار بمهام لن تخطرُ ببالك، فقط لأمنعك من أن تتسربَ بداخلي كلياً ..
لكن لم يعدْ بوسع هذا القلب المُهترئ أن يحارِب بعد يا عزيزي، إنّ حقنة الأمل التي كانت تسري بأوردة الروح وتؤنس وحشة عطَشها لتحيى من جديد لم تعُد تجدي نفعاً الآن.
أتساَءل ما الذي كان سيحدُث لو لمْ تحتضِن الكتابة ثورة وجَعي ..