في سهول سويسرا الشاسعة وعلى تلة غير بعيدة عن جبال الآلب، كانت هناك مزرعة صغيرة، جميلة ومليئة بمختلف الحيوانات الأليفة، كان من بين الحيوانات حصان رشيق وبقرة بنية تميل إلى البدانة، كانا قليلا ما يتفقان، فالحصان الرشيق غالبا ما يتنمر على البقرة البنية ويحرجها أمام بقية الحيوانات وكان ينعتها بصفات تكره سماعها مما جعلها كئيبة، حزينة ودائمة الجلوس لوحدها وكانت البقرة البنية تستاء كثيرا عندما يصفها بالكسولة، قليلة الحركة وكثيرة الأكل ويسخر منها لكونها لا تصلح إلا لجلب الحليب بينما هو حصان رشيق وسريع، يحظى بمعاملة خاصة من طرف صاحب المزرعة الذي يصطحبه إلى سفوح الجبال يوميا ليتدرب ويقوم بتمارين بدنية لأجل السباقات.
وذات صباح، استيقظت المزرعة على صوت أنين مرتفع أيقظ كل الحيوانات من نومها، خرج صاحب المزرعة وأخذ يتفقد المكان باحثا عن مصدر الصوت، بدأ بجحور الأرانب ثم اتجه إلى قن الدجاج وبينما هو كذلك سكت الصوت فجأة وعم الهدوء المكان، فقرر صاحب المزرعة العودة إلى بيته وما إن اقترب من الباب حتى عاود الصوت الظهور وبشكل مرتفع عن السابق، اتجه صاحب المزرعة مسرعا نحو الاسطبل، فوجد الحصان الرشيق ينحط من شدة التعب فأمسك برباطه وأخذ به إلى خارج الإسطبل وفي تلك الأثناء كانت الحيوانات ومن بينهم البقرة البنية تراقب المنظر بدهشة وتتساءل : ماذا حلّ بالحصان الرشيق يا ترى؟ وعندما وصلا إلى حوض الماء وسط المزرعة، أخذ صاحب المزرعة يغسل حافر الحصان، فتبيّن أنه ينزف بشدة وأن حدوته التي قام البيطري بالأمس بتركيبها انزاحت عن مكانها لأن البيطار دق المسمار في مكان قريب من الحافر، فطلبه صاحب المزرعة من جديد ليعالج جرح الحصان الرشيق.
حزن الأخير حزنا شديدا عندما سمع البيطري يخبر صاحب المزرعة بأنه لن يستطيع المشاركة في السباق ولن يجري بسرعة مرة أخرى حتى وإن شفي.
عند الظهيرة لاحظت الحيوانات أن الحصان الرشيق لم يخرج من الإسطبل، فذهبت للاطمئنان عليه وكانت معهم البقرة البنية وعندما عرفوا ما حلّ به شمتوا فيه وأخبروه أن ما حدث له عقاب من الخالق لأنه كان دائم التنمر والإساءة للبقرة البنية ودائم التفاخر بسرعته ورشاقته أمامها، بعدما غادرت الحيوانات اقتربت منه البقرة البنية بحذر وقالت له: متأسفة لحالك وأرجو لك الشفاء سريعا.
اكتسح الخجل والندم وجه الحصان الرشيق واعتذر منها قائلا: سامحيني تعمّدت إهانتك أمام الكل ولم أظن أنه سيحدث معي كل هذا الألم والحرمان من الجري ثانية!
طأطأت رأسها ثم رفعته وقالت مبتسمة: لا عليك ستشفى قريبا وسأدعو لأجلك، ومنذ ذلك اليوم أصبح الاثنان صديقين مقربين في المزرعة على مهل ويتبادلان الحديث والطعام.